responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 215
وَمُنَاسَبَةُ وَصْفِهِ تَعَالَى بِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ بِمَحْضِ قُدْرَتِهِ بِدُونِ مُعِينٍ، فَالْعِزَّةُ وَهِيَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنِ الْغَيْرِ ظَاهِرَةٌ، وَأَنَّهُ خَلَقَهُمْ عَلَى أَحْوَالٍ فِيهَا لُطْفٌ بِهِمْ فَهُوَ رَحِيمٌ بِهِمْ فِيمَا خَلَقَهُمْ إِذْ جَعَلَ أُمُورَ حَيَاتِهِمْ مُلَائِمَةً لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ لَهُمْ وَجَنَّبَهُمُ الْآلَامَ فِيهَا. فَهَذَا سَبَبُ الْجَمْعِ بَيْنَ صِفَتَيِ الْعَزِيزُ والرَّحِيمُ هُنَا عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ مِنْ ذِكْرِ الْحَكِيمِ مَعَ الْعَزِيزِ.
والْعَزِيزُ الرَّحِيمُ يَجُوزُ كَوْنُهُمَا خَبَرَيْنِ آخَرَيْنِ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ وَصْفَيْنِ لِ عالِمُ الْغَيْبِ.
[7- 9]

[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 7 إِلَى 9]
الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (9)
خَبَرٌ آخَرُ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ وَصْفٌ آخَرُ لِ عالِمُ الْغَيْبِ [السَّجْدَة: 6] ، وَهُوَ ارْتِقَاءٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ مَشُوبٌ بِامْتِنَانٍ عَلَى النَّاسِ أَنْ أَحْسَنَ خَلْقَهُمْ فِي جُمْلَةِ إِحْسَانِ خَلْقِ كُلِّ شَيْءٍ
وَبِتَخْصِيصِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ بِالذِّكْرِ. وَالْمَقْصُودُ: أَنَّهُ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَخَاصَّةً الْإِنْسَانَ خَلْقًا بَعْدُ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا، وَأَخْرَجَ أَصْلَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ كَوَّنَ فِيهِ نِظَامَ النَّسْلِ مِنْ مَاءٍ، فَكَيْفَ تُعْجِزُهُ إِعَادَةُ أَجْزَائِهِ.
وَالْإِحْسَانُ: جَعْلُ الشَّيْءِ حَسَنًا، أَيْ مَحْمُودًا غَيْرَ مَعِيبٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ وَافِيًا بِالْمَقْصُودِ مِنْهُ فَإِنَّكَ إِذَا تَأَمَّلْتَ الْأَشْيَاءَ رَأَيْتَهَا مَصْنُوعَةً عَلَى مَا يَنْبَغِي فَصَلَابَةُ الْأَرْضِ مَثَلًا لِلسَّيْرِ عَلَيْهَا، وَرِقَّةُ الْهَوَاءِ لِيَسْهُلَ انْتِشَاقُهُ لِلتَّنَفُّسِ، وَتَوَجُّهُ لَهِيبِ النَّارِ إِلَى فَوْقُ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِثْلَ الْمَاءِ تَلْتَهِبُ يَمِينًا وَشِمَالًا لَكَثُرَتِ الْحَرَائِقُ فَأَمَّا الْهَوَاءُ فَلَا يَقْبَلُ الِاحْتِرَاقَ.
وَقَوْلُهُ خَلَقَهُ قَرَأَهُ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِصِيغَةِ فِعْلِ الْمُضِيِّ عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ صِفَةٌ لِ شَيْءٍ أَيْ: كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ الَّتِي خَلَقَهَا وَهُمْ يَعْرِفُونَ كَثِيرًا مِنْهَا. وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِسُكُونِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ هُوَ بَدَلٌ مِنْ كُلَّ شَيْءٍ بَدَلَ اشْتِمَالٍ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست