responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 19
وَالْمُسَمَّى أُرِيدَ بِهِ الْمُعَيَّنُ الْمَحْدُودُ أَيْ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ مَا نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فِي سُورَةِ الْحَجِّ [5] .
وَالْمَعْنَى: لَوْلَا الْأَجَلُ الْمُعَيَّنُ لِحُلُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ عَاجِلًا لِأَنَّ كُفْرَهُمْ يَسْتَحِقُّ تَعْجِيلَ عِقَابِهِمْ وَلَكِنْ أَرَادَ اللَّهُ تَأْخِيرَهُ لِحِكَمٍ عَلِمَهَا، مِنْهَا إِمْهَالُهُمْ لِيُؤْمِنَ مِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بَعْدَ الْوَعِيدِ، وَلِيَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَفِزُّهُ اسْتِعْجَالُهُمُ الْعَذَابَ لِأَنَّهُ حَكِيمٌ لَا يُخَالِفُ مَا قَدَّرَهُ بِحِكْمَتِهِ، حَلِيمٌ يُمْهِلُ عِبَادَهُ. فَالْمَعْنَى: لَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ فِي وَقْتِ طَلَبِهِمْ تَعْجِيلَهُ، ثُمَّ أَنْذَرَهُمْ بِأَنَّهُ آتِيهِمْ بَغْتَةً وَأَنَّ إِتْيَانَهُ مُحَقَّقٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَامُ الْقَسَمِ وَنُونُ التَّوْكِيدِ وَذَلِكَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْمُقَدَّرِ لَهُ. وَقَدْ حَلَّ بِهِمْ عَذَابُ يَوْمِ بَدْرٍ بَغْتَةً كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ [الْأَنْفَال: 42] فَاسْتَأْصَلَ صَنَادِيدَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَسُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ.
وَإِذْ قَدْ كَانَ اللَّهُ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَعْظَمَ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ بَدْرٍ وَهُوَ عَذَابُ جَهَنَّمَ الَّذِي يَعُمُّ جَمِيعَهُمْ أَعْقَبَ إِنْذَارَهُمْ بِعَذَابِ يَوْمِ بَدْرٍ بِإِنْذَارِهِمْ بِالْعَذَابِ الْأَعْظَمِ. وَأُعِيدَ لِأَجْلِهِ ذِكْرُ اسْتِعْجَالِهِمْ بِالْعَذَابِ مُعْتَرَضًا بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ ذَلِكَ جَوَابُ اسْتِعْجَالِهِمْ فَإِنَّهُمُ اسْتَعْجَلُوا الْعَذَابَ فَأُنْذِرُوا بِعَذَابَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَعْجَلُ مِنَ الْآخَرِ. وَفِي إِعَادَةِ: يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ تَهْدِيدٌ وَإِنْذَارٌ بِأَخْذِهِمْ، فَجُمْلَةُ: وَإِنَّ جَهَنَّمَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً فَهُمَا عَذَابَانِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْعَطْفِ.
وَالْإِحَاطَةُ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ إِفْلَاتِهِمْ مِنْهَا.
وَالْمُرَادُ بِالْكافِرِينَ الْمُسْتَعْجِلُونَ، وَاسْتُحْضِرُوا بِوَصْفِ الْكَافِرِينَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ مُوجِبُ إِحَاطَةِ الْعَذَابِ بِهِمْ. وَاسْتُعْمِلَ اسْمُ الْفَاعِلِ فِي الْإِحَاطَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ مَعَ أَنَّ شَأْنَ اسْمِ الْفَاعِلِ أَنْ يُفِيدَ الِاتِّصَافَ فِي زَمَنِ الْحَالِ، تَنْزِيلًا لِلْمُسْتَقْبَلِ مَنْزِلَةَ زَمَانِ الْحَالِ تَنْبِيهًا عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ لِصُدُورِهِ عَمَّنْ لَا خِلَافَ فِي إِخْبَارِهِ.
وَيَتَعَلَّقُ: يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ بِ (مُحِيطَةٌ) ، أَيْ تُحِيطُ بِهِمْ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ.
وَفِي قَوْلِهِ: يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ تَصْوِيرٌ لِلْإِحَاطَةِ. وَالْغَشَيَانُ:
التَّغْطِيَةُ وَالْحَجْبُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست