responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 129
أَنَّهُمْ مَيِّتُونَ خَامَرَتْهُمْ حِينَئِذٍ عَقِيدَةُ إِنْكَارِ الْبَعْثِ وَحُجَّتُهُمُ السُّفِسْطَائِيَّةُ مِنْ قَوْلِهِمْ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ [سبأ: 7] ، هُنَالِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يُقْنِعُوا أَنْفُسَهُمْ بِصِحَّةِ دَلِيلِهِمُ الْقَدِيمِ وَيَلْتَمِسُونَ اعْتِلَالًا لِتَخَلُّفِ الْمَدْلُولِ بِعِلَّةِ أَنَّ بَعْثَهُمْ مَا كَانَ إِلَّا بعد سَاعَة قَليلَة من وَقت الدّفن قبل أَن تنعدم أَجزَاء أجسامهم فيخيل إِلَيْهِمْ أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ فِي إِنْكَارِهِ فِي الدُّنْيَا إِذْ كَانُوا قَدْ أُخْبِرُوا أَنَّ الْبَعْثَ يَكُونُ بَعْدَ فَنَاءِ الْأَجْسَامِ، فَهُمْ أَرَادُوا الِاعْتِذَارَ عَنْ إِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ
حِينَ تَحَقَّقُوهُ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا أَنَّ الْبَعْثَ يَكُونُ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنَ الْحُلُولِ فِي الْقَبْرِ لَأَقَرُّوا بِهِ. وَقَدْ أَنْبَأَ عَنْ هَذَا تَسْمِيَةُ كَلَامِهِمْ هَذَا مَعْذِرَةً بِقَوْلِهِ عَقِبَهُ: فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ [الرّوم: 57] . وَهَذِهِ فِتْنَةٌ أُصِيبُوا بِهَا حِينَ الْبَعْثِ جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُمْ لِيَكُونُوا هُزْأَةً لِأَهْلِ النُّشُورِ. وَيَتَّضِحُ غَلَطُهُمْ وَسُوءُ فَهْمِهِمْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ: وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ الْآيَة [الرّوم: 56] وَقَدْ أَوْمَأَ إِلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّهُ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ أَيْ كَهَذَا الْخَطَأِ كَانُوا فِي الدُّنْيَا يُصْرَفُونَ عَنِ الْحَقِّ بِمِثْلِ هَذِهِ التُّرَّهَاتِ. وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي الْمَعْنَى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً فِي سُورَةِ طه [103، 104] . وَبَلَغَ مِنْ ضَلَالِهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ يُقْسِمُونَ عَلَيْهِ، وَهَذَا بَعْدَ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمْ مِنَ الْجِدَالِ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً، وَقَوْلُ آخَرِينَ: لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ [الْكَهْف: 19] وَبَعض الْيَوْمِ يُصْدَقُ بِالسَّاعَةِ، كَمَا حُكِيَ عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَسَمَ يَتَخَاطَبُونَ بِهِ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَمَا اقْتَضَتْهُ آيَةُ سُورَةِ طه، أَوْ هُوَ حَدِيثٌ آخَرُ أَعْلَنُوا بِهِ حِينَ اشْتَدَّ الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ الْمَصِيرَ إِلَى الْحَلِفِ يُؤْذِنُ بِمُشَادَّةٍ وَلَجَاجٍ فِي الْخِلَافِ. وَفِي قَوْلِهِ: السَّاعَةُ وساعَةٍ الْجِنَاسُ التَّامُّ.
وَجُمْلَةُ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِأَنَّ غَرَابَةَ حَالِهِمْ مِنْ فَسَادِ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْقَسَمُ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ تَوَهُّمًا يُثِيرُ سُؤَالَ سَائِلٍ عَنْ مَثَارِ هَذَا الْوَهْمِ فِي نُفُوسِهِمْ فَكَانَ قَوْلُهُ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ بَيَانًا لِذَلِكَ. وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ لَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست