responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 102
خَفِيَّةٍ وَظَاهِرَةٍ، وَمُسَبِّبَاتِهَا كَذَلِكَ، وَمِنْ تَعَدُّدِ أَحْوَالِ النَّاسِ مِنَ الِاعْتِبَارِ بِهَا وَالْأَخْذِ مِنْهَا، كُلٌّ عَلَى حَسَبِ اسْتِعْدَادِهِ. وَخُصَّ الْقَوْمُ الْمُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَعْمَقُ بَصَائِرَ بِمَا ارْتَاضَتْ عَلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ مِنْ آدَابِ الْإِيمَانِ وَمِنْ نَصْبِ أَنْفُسِهِمْ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ مِنْ عُلُومِ الدِّينِ وَحِكْمَة النبوءة.
[38]

[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 38]
فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38)
فَاءُ التَّفْرِيعِ تُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ بَعْدَهَا مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهَا، وَقَدِ اشْتَمَلَ الْكَلَامُ
قَبْلَهَا عَلَى لَحَاقِ آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ بِالنَّاسِ، وَإِصَابَةِ السُّوءِ إِيَّاهُمْ، وَعَلَى أَنَّ مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ السُّوءِ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِي النَّاسِ، وَذَكَرَ بَسْطَ الرِّزْقِ وَتَقْدِيرَهُ. وَتَضَمَّنَ ذَلِكَ أَنَّ الْفَرَحَ يُلْهِيهِمْ عَنِ الشُّكْرِ، وَأَنَّ الْقُنُوطَ يُلْهِيهِمْ عَنِ الْمُحَاسَبَةِ فِي الْأَسْبَابِ، فَكَانَ الْأَمْرُ بِإِيتَاءِ الضُّعَفَاءِ وَالْمَنْكُوبِينَ إِرْشَادًا إِلَى وَسَائِلَ شُكْرِ النِّعْمَةِ عِنْدَ حُصُولِهَا شُكْرًا مِنْ نَوْعِهَا وَاسْتِكْشَافِ الضُّرِّ عِنْدَ نُزُولِهِ، وَإِلَى أَنَّ مِنَ الْحَقِّ التَّوْسِعَةَ عَلَى الْمُضَيَّقِ عَلَيْهِمُ الرِّزْقُ، كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَالْخِطَابُ بِالْأَمْرِ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاعْتِبَارِ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ يَحِقُّ عَلَيْهِ الْإِيتَاءُ وَهُوَ الَّذِي بُسِطَ لَهُ فِي الرِّزْقِ، أَيْ فَآتُوا ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ [الرّوم: 38] الْآيَةَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَالْإِيتَاءُ: الْإِعْطَاءُ. وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْمُعْطَى مَالٌ، وَيُقَوِّي ذَلِكَ وُقُوعُ الْآيَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ [الرّوم: 37] . وَصِيغَةُ الْأَمْرِ مِنْ قَوْلِهِ فَآتِ مُجْمَلٌ. وَالْأَصْلُ فِي مَحْمَلِهَا الْوُجُوبُ مَعَ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِإِيتَائِهِ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ حَقٌّ وَالْأَصْلُ فِي الْحَقِّ الْوُجُوبُ. وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ حَقٌّ فِي مَالِ الْمُؤْتِي.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ: صِلَةُ الرَّحِمِ- أَيْ بِالْمَالِ- فَرْضٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست