responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 7
قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ» ، وَأَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ [1] مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ زُهَيْرٍ بِدُونِ شَيْءٍ مِنْ هَاتَيْنِ الزِّيَادَتَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْأُولَى مُدْرَجَةٌ مِنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَالزِّيَادَةُ الثَّانِيَةُ مُدْرَجَةٌ مِنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ لِأَنَّ مُسْلِمًا وَالتِّرْمِذِيَّ وَالنَّسَائِيَّ قَدْ رَوَوْا حَدِيثَ الْبَرَاءِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ إِحْدَى الزِّيَادَتَيْنِ، فَاحْتَاجُوا إِلَى تَأْوِيلِ حَرْفِ الِاسْتِقْبَالِ مِنْ قَوْلِهِ سَيَقُولُ السُّفَهاءُ بِمَعْنَى التَّحْقِيقِ لَا غير أَي قد قَالَ السُّفَهَاءُ مَا وَلَّاهُمْ.
وَوَجْهُ فَصْلِ هَذِهِ الْآيَةِ عَمَّا قَبْلَهَا بِدُونِ عَطْفٍ، اخْتِلَافُ الْغَرَضِ عَنْ غَرَضِ الْآيَاتِ السَّابِقَةِ فَهِيَ اسْتِئْنَافٌ مَحْضٌ لَيْسَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ.
وَالْأَوْلَى بَقَاءُ السِّينِ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ إِذْ لَا دَاعِيَ إِلَى صَرْفِهِ إِلَى مَعْنَى الْمُضِيِّ وَقَدْ عَلِمْتُمُ الدَّاعِيَ إِلَى الْإِخْبَارِ بِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ مِنْهُمْ وَقَالَ فِي «الْكَشَّافِ» «فَائِدَةُ الْإِخْبَارِ بِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ أَنَّ الْعِلْمَ بِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ أَبْعَدُ مِنَ الِاضْطِرَابِ إِذَا وَقَعَ وَأَنَّ الْجَوَابَ الْعَتِيدَ قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ أَقْطَعُ لِلْخَصْمِ وَأَرَدُّ لِشَغْبِهِ» وَذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مِنْ وَضْعِ الْمُسْتَقْبَلِ مَوْضِعَ الْمَاضِي لِيَدُلَّ عَلَى اسْتِمْرَارِهِمْ فِيهِ وَقَالَ الْفَخْرُ إِنَّهُ مُخْتَارُ الْقَفَّالِ.
وَكَأَنَّ الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ وَقَعَ بَعْدَ نَسْخِ اسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا تَكَلُّفٌ يَنْبَغِي عَدَمُ التَّعْوِيلِ عَلَيْهِ، وَالْإِخْبَارُ عَنْ أَقْوَالِهِمُ الْمُسْتَقْبَلَةِ لَيْسَ بِعَزِيزٍ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُ قَوْلِهِ: فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا ... فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ [الْإِسْرَاء: 51] وَإِذَا كَانَ الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَى ذَلِكَ ثُبُوتُ أَنَّهُمْ قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَشُيُوعُ ذَلِكَ كَانَ لِتَأْوِيلِ الْمُسْتَقْبَلِ بِالْمَاضِي وَجْهٌ وَجِيهٌ، وَكَانَ فِيهِ تَأْيِيدٌ لِمَا أَسْلَفْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ [الْبَقَرَة: 115]- وَقَوْلِهِ-: وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى [الْبَقَرَة: 120] .
وَالسُّفَهَاءُ جَمْعُ سَفِيهٍ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ سَفُهَ بِضَمِّ الْفَاءِ إِذَا صَارَ السَّفَهُ لَهُ سَجِيَّةً وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي السَّفَهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ [الْبَقَرَة: 130] وَفَائِدَةُ وَصْفِهِمْ بِأَنَّهُمْ مِنَ النَّاسِ مَعَ كَوْنِهِ مَعْلُومًا هُوَ التَّنْبِيهُ عَلَى بُلُوغِهِمُ
الْحَدَّ الْأَقْصَى مِنَ السَّفَاهَةِ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ فِي النَّاسِ سُفَهَاءُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَإِذَا قُسِمَ نَوْعُ الْإِنْسَانِ أَصْنَافًا كَانَ هَؤُلَاءِ صِنْفَ السُّفَهَاءِ فَيُفْهَمُ أَنَّهُ لَا سَفِيهَ غَيْرُهُمْ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ سَفِيهٌ سَوَاءٌ كَانَ الْقَائِلُ الْيَهُودَ أَوِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.

[1] الْمصدر السَّابِق (8/ 171، كتاب التَّفْسِير سُورَة الْبَقَرَة (12) بَاب سَيَقُولُ السُّفَهاءُ إِلَخ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست