responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 499
وَقَوْلُهُ: قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ الْآيَةَ، أَيِ الَّذِينَ لَا يُحِبُّونَ الْحَيَاةَ وَيَرْجُونَ الشَّهَادَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلِقَاءُ اللَّهِ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الْمَوْتِ فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ شَهَادَةٌ
وَفِي الْحَدِيثِ «مِنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ»
فَالظَّنُّ عَلَى بَابِهِ. وَفِي قَوْلِهِ: كَمْ مِنْ فِئَةٍ خَبَرِيَّةٌ لَا مَحَالَةَ إِذْ لَا مَوْقِعَ لِلِاسْتِفْهَامِ فَإِنَّهُمْ قَصَدُوا بِقَوْلِهِمْ هَذَا تَثْبِيتَ أنفسهم وأنفس رفقائهم، وَلِذَلِكَ دَعَوْا إِلَى مَا بِهِ النَّصْرُ وَهُوَ الصَّبْر والتوكل فَقَالُوا وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ.
وَالْفِئَةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْفَيْءِ وَهُوَ الرُّجُوعُ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَرْجِعُ إِلَى بَعْضٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ مُؤَخِّرَةُ الْجَيْشِ فِئَةً، لِأَنَّ الْجَيْشَ يَفِيءُ إِلَيْهَا.
وَقَوْلُهُ: وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً هَذَا دُعَاؤُهُمْ حِينَ اللِّقَاءِ بِطَلَبِ الصَّبْرِ مِنَ اللَّهِ، وَعَبَّرُوا عَنْ إِلْهَامِهِمْ إِلَى الصَّبْرِ بِالْإِفْرَاغِ اسْتِعَارَةً لقُوَّة الصَّبْر فَإِن الْقُوَّة وَالْكَثْرَةِ يَتَعَاوَرَانِ الْأَلْفَاظَ الدَّالَّةَ عَلَيْهِمَا، كَقَوْلِ أَبِي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ:
كَثِيرُ الْهَوَى شَتَّى النَّوَى وَالْمَسَالِكِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ، فَاسْتُعِيرَ الْإِفْرَاغُ هُنَا لِلْكَثْرَةِ مَعَ التَّعْمِيمِ وَالْإِحَاطَةِ وَتَثْبِيتِ الْأَقْدَامِ اسْتِعَارَةً لِعَدَمِ الْفِرَارِ شِبْهِ الْفِرَارِ وَالْخَوْفِ بِزَلَقِ الْقَدَمِ، فَشَبَّهَ عَدَمَهُ بِثَبَاتِ الْقَدَمِ فِي الْمَأْزِقِ.
وَقَدْ أَشَارَتِ الْآيَةُ فِي قَوْلِهِ: فَهَزَمُوهُمْ إِلَخْ إِلَى انْتِصَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى الْفِلَسْطِينِيِّينَ وَهُوَ انْتِصَارٌ عَظِيمٌ كَانَ بِهِ نَجَاحُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي فِلَسْطِينَ وَبِلَادِ الْعَمَالِقَةِ، مَعَ قِلَّةِ عَدَدِهِمْ فَقَدْ قَالَ مُؤَرِّخُوهُمْ إِنَّ طَالُوتَ لَمَّا خَرَجَ لِحَرْبِ الْفِلَسْطِينِيِّينَ جَمَعَ جَيْشًا فِيهِ ثَلَاثَةُ آلَافِ رَجُلٍ، فَلَمَّا رَأَوْا كَثْرَةَ الْفِلَسْطِينِيِّينَ حَصَلَ لَهُمْ ضَنْكٌ شَدِيدٌ وَاخْتَبَأَ مُعْظَمُ الْجَيْشِ فِي جَبَلِ إِفْرَايِمْ فِي الْمَغَارَاتِ وَالْغِيَاضِ وَالْآبَارِ، وَلَمْ يَعْبُرُوا الْأُرْدُنَّ، وَوَجَمَ طالوت واستخار صمويل، وَخَرَجَ لِلْقِتَالِ فَلَمَّا اجْتَازَ نَهَرَ الْأُرْدُنِّ عَدَّ الْجَيْشَ الَّذِي مَعَهُ فَلَمْ يَجِدْ إِلَّا نَحْوَ سِتِّمِائَةِ رَجُلٍ، ثُمَّ وَقَعَتْ مُقَاتَلَاتٌ كَانَ النَّصْرُ فِيهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَتَشَجَّعَ الَّذين جبنوا واختبأوا فِي الْمَغَارَاتِ وَغَيْرِهَا فَخَرَجُوا وَرَاءَ الْفِلَسْطِينِيِّينَ وَغَنِمُوا غَنِيمَةً كَثِيرَةً، وَفِي تِلْكَ الْأَيَّامِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فِي كُتُبِ الْيَهُودِ لِمِقْدَارِ الْمَدَدِ بَيْنَ الْحَوَادِثِ وَلَا تَنْصِيصَ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ
مِنْهَا وَالْمُتَأَخِّرِ وَمَعَ انْتِقَالَاتٍ فِي الْقِصَصِ غَيْرِ مُتَنَاسِبَةٍ، ظَهَرَ دَاوُدُ بْنُ يَسَّى الْيَهُودِيُّ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى صَمْوِيلَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى بَيْتِ يَسَّى فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَيَمْسَحُ أَصْغَرَ أَبْنَاءِ يَسَّى لِيَكُونَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ بَعْد حِينٍ، وَسَاقَ اللَّهُ دَاوُدَ إِلَى شَاوُلَ (طَالُوتَ) بِتَقْدِيرٍ عَجِيبٍ فَحُظِيَ عِنْدَ شَاوُلَ، وَكَانَ دَاوُدُ مِنْ قَبْلُ رَاعِيَ غَنَمِ أَبِيهِ، وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ وَنَشَاطٍ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 499
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست