responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 485
أَحَدٌ لِآخَرَ فَقَدْ كَفَاهُ شَيْئًا مُهِمًّا لِأَنَّ الْمَاءَ قِوَامُ الْحَيَاةِ، فَضَرَبُوا ذَلِكَ مَثَلًا لِلتَّعَاوُنِ عَلَى الْأَمْرِ النَّافِعِ الَّذِي بِهِ قِوَامُ الْحَيَاةِ وَالتَّمْثِيلُ بِأَحْوَالِ الْمَاءِ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْهُ
قَوْلُ عَلِيٍّ «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي وَأَكْفَئُوا إِنَائِي»
تَمْثِيلًا لِإِضَاعَتِهِمْ حَقَّهُ.
وَقَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِ مُوسى إِعْلَامٌ بِأَنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الْقِصَّةِ كَانُوا مَعَ نَبِيءٍ بَعْدَ مُوسَى، فَإِنَّ زَمَانَ مُوسَى لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَصْبُ مُلُوكٍ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَأَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ أَضَاعُوا الِانْتِفَاعَ بِالزَّمَنِ الَّذِي كَانَ فِيهِ رَسُولُهُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتَلَا، وَكَانَ النَّصْرُ لَهُمْ مَعَهُ أَرْجَى لَهُمْ بِبَرَكَةِ رَسُولِهِمْ، وَالْمَقْصُودُ التَّعْرِيضُ بِتَحْذِيرِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الِاخْتِلَافِ عَلَى رَسُولِهِمْ.
وَتَنْكِيرُ نَبِيءٍ لَهُمْ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ مَحَلَّ الْعِبْرَةِ لَيْسَ هُوَ شَخْصَ النَّبِيءِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَعْيِينِهِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ حَالُ الْقَوْمِ وَهَذَا دَأْبُ الْقُرْآنِ فِي قِصَصِهِ، وَهَذَا النَّبِيءُ هُوَ صَمْوِيلُ وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ شَمْوِيلُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: إِذْ قَالُوا لِنَبِيِّهِمْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ هَذَا النبيء معهودا عِنْد السَّامِعِينَ حَتَّى يُعْرَفَ لَهُمْ بِالْإِضَافَةِ.
وَفِي قَوْله: لِنَبِيٍّ لَهُمُ تَأْيِيدٌ لِقَوْلِ عُلَمَاءِ النَّحْوِ إِنَّ أَصْلَ الْإِضَافَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَى تَقْدِيرِ لَامِ الْجَرِّ، وَمَعْنَى ابْعَثْ لَنا مَلِكاً عَيِّنْ لَنَا مَلِكًا وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَلِكٌ فِي حَالَةِ الْحَاجَةِ إِلَى مَلِكٍ فَكَأَنَّ الْمَلِكَ غَائِبٌ عَنْهُمْ، وَكَأَنَّ حَالَهُمْ يَسْتَدْعِي حُضُورَهُ فَإِذَا عُيِّنَ لَهُمْ شَخْصٌ مَلِكًا فَكَأَنَّهُ كَانَ غَائِبًا عَنْهُمْ فَبُعِثَ أَيْ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ، أَوْ هُوَ مُسْتَعَارٌ مِنْ
بَعْثِ الْبَعِيرِ أَيْ إِنْهَاضِهِ لِلْمَشْيِ.
وَقَوْلُهُ: هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ الْآيَةَ، اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ وَتَحْذِيرٌ، فَقَوْلُهُ:
أَلَّا تُقاتِلُوا مُسْتَفْهَمٌ عَنْهُ بِهَلْ وَخَبَرٌ لَعَسَى مُتَوَقَّعٌ، وَدَلِيلٌ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهَذَا مِنْ أَبْدَعِ الْإِيجَازِ فَقَدْ حَكَى جُمَلًا كَثِيرَةً وَقَعَتْ فِي كَلَامٍ بَيْنَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَرَّرَهُمْ عَلَى إِضْمَارِهِمْ نِيَّةَ عَدَمِ الْقِتَالِ اخْتِبَارًا وَسَبْرًا لِمِقْدَارِ عَزْمِهِمْ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الِاسْتِفْهَامِ بِالنَّفْيِ فَقَالَ مَا يُؤَدِّي مَعْنَى «هَلْ لَا تُقَاتِلُونَ» وَلَمْ يَقُلْ: هَلْ تُقَاتِلُونَ لِأَنَّ الْمُسْتَفْهَمَ عَنْهُ هُوَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمُسْتَفْهِمِ، وَإِنْ كَانَ الطَّرَفُ الْآخَرُ مُقَدَّرًا، وَإِذَا خَرَجَ الِاسْتِفْهَامُ إِلَى مَعَانِيهِ الْمَجَازِيَّةِ كَانَتْ حَاجَةُ الْمُتَكَلِّمِ إِلَى اخْتِيَارِ الطَّرَفِ الرَّاجِحِ مُتَأَكَّدَةً.
وَتَوَقَّعَ مِنْهُمْ عَدَمَ الْقِتَالِ وَحَذَّرَهُمْ مِنْ عَدَمِ الْقِتَالِ إِنْ فُرِضَ عَلَيْهِمْ، فَجُمْلَةُ: أَلَّا تُقاتِلُوا يَتَنَازَعُ مَعْنَاهَا كُلٌّ مِنْ هَلْ وَعَسَى وَإِنْ، وَأُعْطِيَتْ لِعَسَى، فَلِذَلِكَ قُرِنَتْ بِأَنْ، وَهِيَ دَلِيلٌ لِلْبَقِيَّةِ فَيُقَدَّرُ لِكُلِّ عَامِلٍ مَا يَقْتَضِيهِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ التَّحْرِيضُ لِأَنَّ ذَا الْهِمَّةِ يَأْنَفُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 485
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست