responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 482
وَلَيْسَ يَكُونُ كَالَّذِي إِلَّا مَعَ (مَا) وَ (مَنْ) فِي الِاسْتِفْهَامِ فَيَكُونُ (ذَا) بِمَنْزِلَةِ الَّذِي وَيَكُونُ مَا- أَيْ أَوْ مَنْ- حَرْفَ الِاسْتِفْهَامِ وَإِجْرَاؤُهُمْ إِيَّاهُ مَعَ مَا- أَيْ أَوْ مَنْ- بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ وَاحِدٍ» وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً [النَّحْل: 30] وَبَقِيَّةُ أَسْمَاءِ الْإِشَارَةِ مِثْلُ اسْمِ (ذَا) عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، وَأَمَّا الْبَصْرِيُّونَ فَقَصَرُوا هَذَا الِاسْتِعْمَالَ عَلَى (ذَا) وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّ ذَا مَعَ الِاسْتِفْهَامِ يَصِيرُ اسْمَ مَوْصُولٍ فَإِنَّهُ يَكْثُرُ فِي الْكَلَامِ أَنْ يَقَعَ بَعْدَهُ اسْمٌ مَوْصُولٌ، كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَا مَعْنَى لِوُقُوعِ اسْمَيْ مَوْصُولٍ صِلَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، وَلَكِنَّهُمْ أَرَادُوا أَنَّهُ يُفِيدُ مُفَادَ اسْمِ الْمَوْصُولِ، فَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ مِنْ فِعْلٍ أَوْ وَصْفٍ فِي مَعْنَى صِلَةِ الْمَوْصُولِ، وَإِنَّمَا دَوَّنُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ تَنَاسَوْا مَا فِي اسْتِعْمَالِ ذَا فِي الِاسْتِفْهَامِ مِنَ الْمَجَازِ، فَكَانَ تَدْوِينُهَا قَلِيلَ الْجَدْوَى.
وَالْوَجْهُ أَنَّ (ذَا) فِي الِاسْتِفْهَامِ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ لِلْإِشَارَةِ وَإِنَّمَا هِيَ إِشَارَةٌ مَجَازِيَّةٌ، وَالْفِعْلُ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَهُ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، فَوِزَانُ قَوْلِهِ تَعَالَى: مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ [النَّحْل: 24] وِزَانُ قَوْلِ يَزِيدَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ يُخَاطِبُ بَغْلَتَهُ:
نَجَوْتِ وَهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ

وَالْإِقْرَاضُ: فِعْلُ الْقَرْضِ. وَالْقَرْضُ: السَّلَفُ، وَهُوَ بَذْلُ شَيْءٍ لِيُرَدَّ مِثْلُهُ أَوْ مُسَاوِيهُ، وَاسْتُعْمِلَ هُنَا مَجَازًا فِي الْبَذْلِ الَّذِي يُرْجَى الْجَزَاءُ عَلَيْهِ تَأْكِيدًا فِي تَحْقِيقِ حُصُولِ التَّعْوِيضِ وَالْجَزَاءِ. وَوَصْفُ الْقَرْضِ بِالْحَسَنِ لِأَنَّهُ لَا يَرْضَى اللَّهُ بِهِ إِلَّا إِذَا كَانَ مُبَرَّأً عَنْ شَوَائِبِ الرِّيَاءِ وَالْأَذَى، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ:
لَيْسَتْ بِذَاتِ عَقَارِبَ

وَقِيلَ: الْقَرْضُ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ السَّلَفُ، وَلَعَلَّهُ عُلِّقَ بِاسْمِ الْجَلَالَةِ لِأَنَّ الَّذِي يُقْرِضُ النَّاسَ طَمَعًا فِي الثَّوَابِ كَأَنَّهُ أَقْرَضَ اللَّهَ تَعَالَى لِأَنَّ الْقَرْضَ مِنَ الْإِحْسَانِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَفِي مَعْنَى هَذَا مَا
جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ»
الْحَدِيثَ. وَقَدْ رَوَوْا أَنَّ ثَوَابَ الصَّدَقَةِ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَثَوَابَ الْقَرْضِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ أَمْثَالِهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «فَيُضَاعِفَهُ» بِأَلِفٍ بَعْدِ الضَّادِ، وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ بِدُونِ أَلِفٍ بَعْدَ الضَّادِ وَبِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ. وَرَفْعُ «فَيُضَاعِفُهُ» فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، عَلَى الْعَطْفِ عَلَى يُقْرِضُ، لِيَدْخُلَ فِي حَيِّزِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 482
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست