responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 476
بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ» فَقَوْلُهُ: «مَا هِيَ إِلَّا الْكُوفَةُ»
مُوقَعَةٌ مَوْقِعَ الدَّلِيلِ عَلَى
قَوْلِهِ: «لَأَظُنُّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ
إِلَخْ» وَقَالَ عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ لَمَّا دَخَلَ عَلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ حِين قطعت رجل «مَا كُنَّا نَعُدُّكَ لِلصِّرَاعِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَبْقَى لَنَا أَكْثَرَكَ:
أَبْقَى لَنَا سَمْعَكَ، وَبَصَرَكَ، وَلِسَانَكَ، وَعَقْلَكَ، وَإِحْدَى رِجْلَيْكَ» فَقَدَّمَ قَوْلَهُ: مَا كُنَّا نَعُدُّكَ لِلصِّرَاعِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الِاهْتِمَامُ وَالْعِنَايَةُ بِالْحُجَّةِ قَبْلَ ذكر الدَّعْوَى تشويقا للدعوى، أَوْ حَمْلًا عَلَى التَّعْجِيلِ بِالِامْتِثَالِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَرْكِيبَ (أَلَمْ تَرَ إِلَى كَذَا) إِذَا جَاءَ فِعْلُ الرُّؤْيَةِ فِيهِ مُتَعَدِّيًا إِلَى مَا لَيْسَ مِنْ شَأْنِ السَّامِعِ أَنْ يَكُونَ رَآهُ، كَانَ كَلَامًا مَقْصُودًا مِنْهُ التَّحْرِيضُ عَلَى عِلْمِ مَا عُدِّيَ إِلَيْهِ فِعْلُ الرُّؤْيَةِ، وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ وَلِذَلِكَ تَكُونُ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ مُسْتَعْمَلَةً فِي غَيْرِ مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ بَلْ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ أَوْ كِنَائِيٍّ، مِنْ مَعَانِي الِاسْتِفْهَامِ غَيْرِ الْحَقِيقِيِّ، وَكَانَ الْخِطَابُ بِهِ غَالِبًا مُوَجَّهًا إِلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَرُبَّمَا كَانَ الْمُخَاطَبُ مَفْرُوضًا مُتَخَيَّلًا.
وَلَنَا فِي بَيَانِ وَجْهِ إِفَادَةِ هَذَا التَّحْرِيضِ مِنْ ذَلِكَ التَّرْكِيبِ وُجُوهٌ ثَلَاثَةٌ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلًا فِي التَّعَجُّبِ أَوِ التَّعْجِيبِ، مِنْ عَدَمِ عِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِمَفْعُولِ فِعْلِ الرُّؤْيَةِ، وَيَكُونُ فِعْلُ الرُّؤْيَةِ عِلْمِيًّا مِنْ أَخَوَاتِ ظَنَّ، عَلَى مَذْهَبِ الْفَرَّاءِ وَهُوَ صَوَابٌ لِأَنَّ إِلَى وَلَامَ الْجَرِّ يَتَعَاقَبَانِ فِي الْكَلَامِ كَثِيرًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ [النَّمْل: 33] أَيْ لَكِ وَقَالُوا: أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ كَمَا يُقَالُ: أَحْمَدُ لَكَ اللَّهَ وَالْمَجْرُورُ بِإِلَى فِي مَحَلِّ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ الزَّائِدَ لَا يَطْلُبُ مُتَعَلِّقًا، وَجُمْلَةُ وَهُمْ أُلُوفٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، سَادَّةً مَسَدَّ الْمَفْعُولِ الثَّانِي، لِأَنَّ أَصْلَ الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ أَنَّهُ حَالٌ [1] ، عَلَى تَقْدِيرِ: مَا كَانَ مِنْ حَقِّهِمُ الْخُرُوجُ، وَتَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ:
وَهُمْ أُلُوفٌ قَوْلُهُ: فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا فَهُوَ مِنْ تَمَامِ مَعْنَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي أَوْ تُجْعَلُ (إِلَى) تَجْرِيدًا لِاسْتِعَارَةِ فِعْلِ الرُّؤْيَةِ لِمَعْنَى الْعِلْمِ، أَوْ قَرِينَةٍ عَلَيْهَا، أَوْ لِتَضْمِينِ فِعْلِ الرُّؤْيَةِ مَعْنَى النَّظَرِ، لِيَحْصُلَ الِادِّعَاءُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ الْمُدْرَكَ بِالْعَقْلِ كَأَنَّهُ مُدْرَكٌ بِالنَّظَرِ، لِكَوْنِهِ بَيِّنَ

[1] عِنْدِي أَن أصل اسْتِعْمَال فعل الرُّؤْيَة فِي معنى الْعلم وعده من أَخَوَات ظن أَنه اسْتِعَارَة الْفِعْل الْمَوْضُوع لإدراك المبصرات إِلَى معنى الْمدْرك بِالْعقلِ الْمُجَرّد لمشابهته للمدرك بالبصر فِي الوضوح وَالْيَقِين وَلذَلِك قد يصلونه بالحرف الَّذِي أَصله لتعدية فعل النّظر.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 476
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست