responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 470
وَقَالَ سَبْرَةُ بْنُ عُمَرَ الْفَقْعَسِيُّ:
وَنِسْوَتُكُمْ فِي الروع باد وجوهها ... يُخَلْنَ إِمَاءً وَالْإِمَاءُ حَرَائِرُ
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّكُمْ لَتَكْثُرُونَ عِنْدَ الْفَزَعِ وَتَقِلُّونَ عِنْدَ الطَّمَعِ»
وَلَا يُعْرَفُ إِطْلَاقُ الْخَوْفِ عَلَى الْحَرْبِ قَبْلَ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ [الْبَقَرَة:
155] . وَالْمَعْنَى: فَإِنْ حَارَبْتُمْ أَوْ كُنْتُمْ فِي حَرْبٍ، وَمِنْهُ سَمَّى الْفُقَهَاءُ صَلَاةَ الْخَوْفِ الصَّلَاةَ الَّتِي يُؤَدِّيهَا الْمُسْلِمُونَ وَهُمْ يُصَافُّونَ الْعَدُوَّ فِي سَاحَةِ الْحَرْبِ وَإِيثَارُ كَلِمَةِ الْخَوْفِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِتَشْمَلَ خَوْفَ الْعَدُوِّ وَخَوْفَ السِّبَاعِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيق، وَغَيرهَا.
وفَرِجالًا جَمْعُ رَاجِلٍ كَالصِّحَابِ ورُكْباناً جَمْعُ رَاكِبٍ وَهُمَا حَالَانِ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ فَصَلُّوا رِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا وَهَذَا فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ [الْبَقَرَة:
238] لِأَنَّ هَاتِهِ الْحَالَةَ تُخَالِفُ الْقُنُوتَ فِي حَالَةِ التَّرَجُّلِ، وَتُخَالِفُهُمَا مَعًا فِي حَالَةِ الرُّكُوبِ.
وَالْآيَةُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْخُشُوعُ، لِأَنَّهَا تَكُونُ مَعَ الِاشْتِغَالِ بِالْقِتَالِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقِيَامُ.
وَهَذَا الْخَوْفُ يُسْقِطُ مَا ذُكِرَ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ هُنَا صَلَاةُ النَّاسِ فُرَادَى، وَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ إِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ وَأَظَلَّهُمُ الْعَدُوُّ وَلَمْ يَكُنْ حِصْنٌ بِحَيْثُ تَتَعَذَّرُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً مَعَ الْإِمَامِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لِبَيَانِ صَلَاةِ الْجَيْشِ فِي الْحَرْبِ جَمَاعَةً الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِلنَّاسِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ صَلَاةَ الْخَوْفِ فُرَادَى عَلَى الْحَالِ الَّتِي يَتَمَكَّنُونَ مَعَهَا مِنْ مُوَاجَهَةِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ شَرَعَ لَهُمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ جَمَاعَةً فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَأَيْضًا شَمِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كُلَّ خَوْفٍ مِنْ سِبَاعٍ أَوْ قُطَّاعِ طَرِيقٍ أَوْ مِنْ سَيْلِ الْمَاءِ، قَالَ مَالِكٌ:
وَتُسْتَحَبُّ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُصَلُّونَ كَمَا وَصَفَ اللَّهُ وَيُعِيدُونَ، لِأَنَّ الْقِتَالَ فِي الصَّلَاةِ مُفْسِدٌ عِنْدَهُ.
وَقَوْلُهُ: فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ أَرَادَ الصَّلَاةَ أَيِ ارْجِعُوا إِلَى الذِّكْرِ الْمَعْرُوفِ.
وَجَاءَ فِي الْأَمْنِ بِإِذَا وَفِي الْخَوْفِ بِإِنْ بِشَارَةً لِلْمُسْلِمِينَ بِأَنَّهُمْ سَيَكُونُ لَهُمُ النَّصْرُ وَالْأَمْنُ.
وَقَوْلُهُ: كَما عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ أَيِ اذْكُرُوهُ ذِكْرًا يُشَابِهُ مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ فِي تَفَاصِيلِ هَذِهِ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْمُشَابَهَةِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 470
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست