responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 462
وَجَعَلَ جَمَاعَةٌ الْأَمْرَ هُنَا لِلنَّدْبِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ فَإِنَّهُ قَرِينَةٌ عَلَى صَرْفِ الْأَمْرِ إِلَى أَحَدِ مَا يَقْتَضِيهِ، وَهُوَ نَدْبٌ خَاصٌّ مُؤَكِّدٌ لِلنَّدْبِ الْعَامِّ فِي مَعْنَى الْإِحْسَانِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَشُرَيْحٍ، فَجَعَلَهَا حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ، وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَجَعَلَهَا حَقًّا عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ، وَمَفْهُومُ جَعَلَهَا حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ أَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ الْمُتَّقِينَ فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ، لِأَنَّ الْمُتَّقِيَ هُوَ كَثِيرُ الِامْتِثَالِ، عَلَى أَنَّنَا لَوْ حَمَلْنَا الْمُتَّقِينَ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ لَكَانَ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ تَعَارُضُ الْمَفْهُومِ وَالْعُمُومِ، فَإِنَّ الْمَفْهُومَ الْخَاصَّ يُخَصِّصُ الْعُمُومَ.
وَفِي «تَفْسِير الأبي» عَنِ ابْنِ عَرَفَةَ: «قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ يُقْضَى بِهَا إِذْ لَا يَأْبَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ وَلَا مِنَ الْمُتَّقِينَ إِلَّا رَجُلُ سُوءٍ، ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ قَالَ بِتَقْدِيمِ الْعُمُومِ عَلَى الْمَفْهُومِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، وَأَنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، قُلْتُ: فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْقَائِلَ بِالْمَفْهُومِ لَا بُدَّ أَنْ يُخَصَّصَ بِخُصُوصِهِ عُمُومُ الْعَامِّ إِذَا تَعَارَضَا، على أَن لمَذْهَب مَالِكٍ أَنَّ الْمُتْعَة عَطِيَّة
ومؤاساة، والمؤاساة فِي مَرْتَبَةِ التَّحْسِينِيِّ، فَلَا تَبْلُغُ مَبْلَغَ الْوُجُوبِ، وَلِأَنَّهَا مَالٌ بُذِلَ فِي غَيْرِ عِوَضٍ، فَيَرْجِعُ إِلَى التَّبَرُّعَاتِ، وَالتَّبَرُّعَاتُ مَنْدُوبَةٌ لَا وَاجِبَةٌ، وَقَرِينَةُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ فَإِنَّ فِيهِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْإِحْسَانِ لَا مِنَ الْحُقُوقِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ نَفَى اللَّهُ الْجُنَاحَ عَنِ الْمُطَلِّقِ ثُمَّ أَثْبَتَ الْمُتْعَةَ، فَلَوْ كَانَتِ الْمُتْعَةُ وَاجِبَةً لَانْتَقَضَ نَفْيُ الْجُنَاحِ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْجُنَاحَ نَفْيٌ لِأَنَّ الْمَهْرَ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ، قَدْ يُجْحِفُ بِالْمُطَلِّقِ بِخِلَافِ الْمُتْعَةِ، فَإِنَّهَا عَلَى حَسَبِ وُسْعِهِ وَلِذَلِكَ نَفَى مَالِكٌ نَدْبَ الْمُتْعَةِ لِلَّتِي طُلِّقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا، قَالَ: فَحَسْبُهَا مَا فُرِضَ لَهَا أَيْ لِأَنَّ اللَّهَ قَصَرَهَا عَلَى ذَلِكَ، رِفْقًا بِالْمُطَلِّقِ، أَيْ فَلَا تندب لَهَا ندب خَاصًّا، بِأَمْرِ الْقُرْآنِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: بِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْمَدْخُولَ بِهَا يُسْتَحَبُّ تَمْتِيعُهَا، أَيْ بِقَاعِدَةِ الْإِحْسَانِ الْأَعَمِّ وَلِمَا مَضَى مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ.
وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ الْمُوَسِعُ مَنْ أُوسِعَ إِذَا صَارَ ذَا سَعَةٍ، وَالْمُقْتِرُ مَنْ أُقْتِرَ إِذَا صَارَ ذَا قَتْرٍ وَهُوَ ضِيقُ الْعَيْشِ، وَالْقَدْرُ- بِسُكُونِ الدَّالِ وَبِفَتْحِهَا- مَا بِهِ تَعْيِينُ ذَاتِ الشَّيْءِ أَوْ حَالِهِ، فَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُسَاوِي الشَّيْءَ مِنَ الْأَجْرَامِ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُسَاوِيهِ فِي الْقِيمَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْحَالُ الَّتِي يَقْدِرُ بِهَا الْمَرْءُ فِي مَرَاتِبِ النَّاسِ فِي الثَّرْوَةِ، وَهُوَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 462
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست