responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 449
مَبْسُوطَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْخِلَافِ، فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَيْهَا هُنَا.
وَمِنِ الْقِرَاءَاتِ الشَّاذَّةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي «الْكَشَّافِ» أَنَّ عَلِيًّا قَرَأَ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ مُضَارِعُ تُوُفِّيَ، مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ بِمَعْنَى مَاتَ بِتَأْوِيلِ إِنَّهُ تَوَفَّى أَجْلَهُ أَيِ اسْتَوْفَاهُ. وَأَنَا، وَإِنْ كُنْتُ الْتَزَمْتُ أَلَّا أَتَعَرَّضَ لِلْقِرَاءَاتِ الشَّاذَّةِ، فَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لِقِصَّةٍ طَرِيفَةٍ فِيهَا نُكْتَةٌ عَرَبِيَّةٌ، أَشَارَ إِلَيْهَا فِي «الْكَشَّافِ» وَفَصَلَهَا السَّكَّاكِيُّ فِي «الْمِفْتَاحِ» ، وَهِيَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يُشَيِّعُ جِنَازَةً، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَنِ الْمُتَوَفِّي؟ بِلَفْظِ اسْمِ الْفَاعِلِ (أَيْ بِكَسْرِ الْفَاءِ سَائِلًا عَنِ الْمُتَوَفَّى- بِفَتْحِ الْفَاءِ- فَلَمْ يَقُلْ: فُلَانٌ بَلْ قَالَ «اللَّهُ» مُخَطِّئًا إِيَّاهُ، مُنَبِّهًا لَهُ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَحِقُّ أَنْ يَقُولَ: مَنِ الْمُتَوَفَّى بِلَفْظِ اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَمَا فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّهُ عَرَفَ مَنِ السَّائِلِ أَنَّهُ مَا أَوْرَدَ لَفْظَ الْمُتَوَفِّي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَكْسُوهُ جَزَالَةٌ وَفَخَامَةٌ، وَهُوَ وَجْهُ الْقِرَاءَةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَيْهِ- أَيْ إِلَى عَلِيٍّ- (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) بِلَفْظِ بِنَاءِ الْفَاعِلِ عَلَى إِرَادَةِ مَعْنَى: وَالَّذِينَ يَسْتَوْفُونَ مُدَّةَ أَعْمَارِهِمْ.
وَفِي «الْكَشَّافِ» أَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ مَعَ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، وَأَنَّ عَلِيًّا لَمَّا بَلَغَتْهُ أَمَرَ أَبَا الْأَسْوَدِ أَنْ يَضَعَ كِتَابًا فِي النَّحْوِ، وَقَالَ: إِنَّ الْحِكَايَةَ تُنَاقِضُهَا الْقِرَاءَةُ الْمَنْسُوبَةُ إِلَى عَلِيٍّ، فَجَعَلَ الْقِرَاءَةَ مُسَلَّمَةً وَتَرَدَّدَ فِي صِحَّةِ الْحِكَايَةِ، وَعَنِ ابْنِ جِنِّي: أَنَّ الْحِكَايَةَ رَوَاهَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ ابْنُ جِنِّي «وَهَذَا عِنْدِي مُسْتَقِيمٌ لِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ أَيْ وَالَّذِينَ يَتَوَفَّوْنَ أَعْمَارَهُمْ أَوْ آجَالَهُمْ، وَحَذْفُ الْمَفْعُولِ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَفَصِيحِ الْكَلَامِ» .
وَقَالَ التَّفْتَازَانِيُّ «لَيْسَ الْمُرَادَ أَنَّ لِلْمُتَوَفَّى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْإِمَاتَةُ وَثَانِيهُمَا الِاسْتِيفَاءُ وَأَخْذُ الْحَقِّ، بَلْ مَعْنَاهُ الِاسْتِيفَاءُ وَأَخْذُ الْحَقِّ لَا غَيْرُ، لَكِنَّ عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ قَدْ يُقَدَّرُ مَفْعُولُهُ النَّفْسَ فَيَكُونُ الْفَاعِلُ هُوَ اللَّهَ تَعَالَى أَوِ الْمَلِكَ، وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ الشَّائِعُ، وَقَدْ يُقَدَّرُ مُدَّةَ الْعُمْرِ فَيَكُونُ الْفَاعِلُ هُوَ الْمَيِّتَ لِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَوْفَى مُدَّةَ عُمْرِهِ، وَهَذَا مِنَ الْمَعَانِي الدَّقِيقَةِ الَّتِي لَا يَتَنَبَّهُ لَهَا إِلَّا الْبُلَغَاءُ، فَحِينَ عَرَفَ عَلِيٌّ مِنَ السَّائِلِ عَدَمَ تَنَبُّهِهِ لِذَلِكَ لَمْ يَحْمِلْ كَلَامُهُ عَلَيْهِ» .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 449
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست