responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 428
دُونَ تَفْصِيلٍ بِكَيْفِيَّةِ هَذَا التَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ رِضَا الْمَرْأَةِ بِالزَّوْجِ هُوَ الْعَقْدُ الْمُسَمَّى بِالنِّكَاحِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ مُبَاشَرَةِ الْوَلِيِّ لِذَلِكَ دُونَ جَبْرٍ، وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ إِسْنَادُ النِّكَاحِ إِلَيْهِنَّ، أَمَّا وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ فَلَيْسَتْ مِنْ غَرَضِ هَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّهَا وَارِدَةٌ فِي شَأْنِ الْأَيَامَى وَلَا جَبْرَ عَلَى أَيِّمٍ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَوْلُهُ: ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ إِشَارَةٌ إِلَى حُكْمِ النَّهْيِ عَنِ الْعَضْلِ، وَإِفْرَادُ الْكَافِ مَعَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مَعَ أَنَّ الْمُخَاطَبَ جَمَاعَةٌ، رَعْيًا لِتَنَاسِي أَصْلِ وَضْعِهَا مِنِ الْخِطَابِ إِلَى مَا اسْتُعْمِلَتْ فِيهِ مِنْ مَعْنَى بُعْدِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فَقَطْ، فَإِفْرَادُهَا فِي أَسْمَاءِ الْإِشَارَةِ هُوَ الْأَصْلُ، وَأَمَّا جَمْعُهَا فِي قَوْلِهِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ فَتَجْدِيدٌ لِأَصْلِ وَضْعِهَا.
وَمَعْنَى أَزْكَى وَأَطْهَرُ أَنَّهُ أَوْفَرُ لِلْعِرْضِ وَأَقْرَبُ لِلْخَيْرِ، فَأَزْكَى دَالٌّ عَلَى النَّمَاءِ وَالْوَفْرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْضُلُونَهُنَّ حَمِيَّةً وَحِفَاظًا عَلَى الْمُرُوءَةِ مِنْ لَحَاقِ مَا فِيهِ شَائِبَةُ الْحَطِيطَةِ، فَأَعْلَمَهُمُ اللَّهُ أَنَّ عَدَمَ الْعَضْلِ أَوْفَرُ لِلْعِرْضِ لِأَنَّ فِيهِ سَعْيًا إِلَى اسْتِبْقَاءِ الْوُدِّ بَيْنَ الْعَائِلَاتِ الَّتِي تَقَارَبَتْ بِالصِّهْرِ وَالنَّسَبِ فَإِذَا كَانَ الْعَضْلُ إِبَايَةً لِلضَّيْمِ، فَالْإِذْنُ لَهُنَّ بِالْمُرَاجَعَةِ حِلْمٌ وَعَفْوٌ وَرِفَاءٌ لِلْحَالِ وَذَلِكَ أَنْفَعُ مِنْ إِبَايَةِ الضَّيْمِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَأَطْهَرُ فَهُوَ مَعْنَى أَنْزَهُ، أَيْ أَنَّهُ أَقْطَعُ لِأَسْبَابِ الْعَدَاوَاتِ وَالْإِحَنِ وَالْأَحْقَادِ بِخِلَافِ الْعَضْلِ الَّذِي قَصَدْتُمْ مِنْهُ قَطْعَ الْعَوْدِ إِلَى الْخُصُومَةِ، وَمَاذَا تَضُرُّ الْخُصُومَةُ فِي وَقْتٍ قَلِيلٍ يَعْقُبُهَا رِضَا مَا تَضُرُّ الْإِحَنُ الْبَاقِيَةُ وَالْعَدَاوَاتُ الْمُتَأَصِّلَةُ، وَالْقُلُوبُ الْمُحْرَقَةُ.
وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ أَزْكى بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، نَاظِرًا لِأَحْوَالِ الدُّنْيَا، وَأَطَهْرُ بِمَعْنَى فِيهِ السَّلَامَةُ مِنَ الذُّنُوبِ فِي الْآخِرَةِ، فَيكون أطهر مسلوب الْمُفَاضَلَةِ، جَاءَ عَلَى صِيغَةِ التَّفْضِيلِ لِلْمُزَاوَجَةِ مَعَ قَوْلِهِ أَزْكى.
وَقَوْلُهُ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ تَذْيِيلٌ وَإِزَالَةٌ لِاسْتِغْرَابِهِمْ حِينَ تَلَقِّي هَذَا الْحُكْمِ، لِمُخَالَفَتِهِ لِعَادَاتِهِمُ الْقَدِيمَةِ، وَمَا اعْتَقَدُوا نفعا وصلاحا وإباء عَلَى أَعْرَاضِهِمْ، فَعَلَّمَهُمُ اللَّهُ أَنَّ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ هُوَ الْحَقُّ، لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ النَّافِعَ، وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ إِلَّا ظَاهِرًا، فَمَفْعُولُ يَعْلَمُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِيهِ كَمَالُ زَكَاتِكُمْ وَطَهَارَتِكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تعلمُونَ ذَلِك.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 428
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست