responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 426
الِانْفِعَالِ قَرِيبَةُ الْقَلْبِ، فَإِذَا جَاءَ مَنْعٌ فَإِنَّمَا يَجِيءُ مِنْ قَبَلِ الْأَوْلِيَاءِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَرْغِيبَ النِّسَاءِ فِي الرِّضَا بِمُرَاجَعَةِ أَزْوَاجِهِنَّ وَنَهَى الْأَوْلِيَاءَ عَنْ مَنْعِهِنَّ مِنْ ذَلِكَ.
وَقَدْ عُرِفَ مِنْ شَأْنِ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا قَارَبَهَا، الْأَنَفَةُ مِنْ أَصْهَارِهِمْ، عِنْدَ حُدُوثِ الشِّقَاقِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ وَلَايَاهُمْ، وَرُبَّمَا رَأَوُا الطَّلَاقَ اسْتِخْفَافًا بِأَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ وَقِلَّةِ اكْتِرَاثٍ بِهِمْ، فَحَمَلَتْهُمُ الْحَمِيَّةُ عَلَى قَصْدِ الانتقام مِنْهُم عِنْد مَا يَرَوْنَ مِنْهُمْ نَدَامَةً، وَرَغْبَةً فِي الْمُرَاجَعَةِ وَقَدْ رُوِيَ فِي «الصَّحِيحِ» أَنَّ الْبَدَّاحَ بْنَ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيَّ طَلَّقَ زَوْجَهُ جُمَيْلَا
- بِالتَّصْغِيرِ وَقِيلَ جُمَلَا وَقِيلَ جَمِيلَةُ- ابْنَةُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، أَرَادَ مُرَاجَعَتَهَا، فَقَالَ لَهُ أَبُوهَا مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ: «إِنَّكَ طَلَّقْتَهَا طَلَاقًا لَهُ الرَّجْعَةُ، ثُمَّ تَرَكْتَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَلَمَّا خُطِبَتْ إِلَيَّ أَتَيْتَنِي تَخْطُبُهَا مَعَ الْخُطَّابِ، وَالله لَا أنكحتكها أَبَدًا» فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَ مَعْقِلٌ «فَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَرْجَعْتُهَا إِلَيْهِ» وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: نَزَلْتُ فِي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ ابْنَةُ عَمٍّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ جَاءَ يُرِيدُ مُرَاجَعَتَهَا، وَكَانَتْ رَاغِبَةً فِيهِ، فَمَنَعَهُ جَابِرٌ مِنْ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ.
وَالْمُرَادُ مِنْ أَجْلَهُنَّ هُوَ الْعِدَّةُ، وَهُوَ يَعْضُدُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَعَنِ الشَّافِعِيِّ «دَلَّ سِيَاقُ الْكَلَامَيْنِ عَلَى افْتِرَاقِ الْبُلُوغَيْنِ» فَجَعَلَ الْبُلُوغَ فِي الْآيَةِ الْأَوْلَى، بِمَعْنَى مُشَارَفَةِ بُلُوغِ الْأَجَلِ، وَجَعْلَهُ هُنَا بِمَعْنَى انْتِهَاءِ الْأَجَلِ. فَجُمْلَةُ وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ عَطْفٌ عَلَى وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [الْبَقَرَة: 231] الْآيَةَ.
وَالْخِطَابُ الْوَاقِعُ فِي قَوْلِهِ طَلَّقْتُمُ وتَعْضُلُوهُنَّ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ مُوَجَّهٌ إِلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ دُونَ اخْتِلَافِ التَّوَجُّهِ، فَيَكُونُ مُوَجَّهًا إِلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ صَالِحٌ لِأَنَّ يَقَعُ مِنْهُ الطَّلَاقُ إِنْ كَانَ زَوْجًا، وَيَقَعُ مِنْهُ الْعَضْلُ إِنْ كَانَ وَلِيًّا، وَالْقَرِينَةُ ظَاهِرَةٌ عَلَى مِثْلِهِ فَلَا يَكَادُ يَخْفَى فِي اسْتِعْمَالِهِمْ، وَلَمَّا كَانَ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ أَحَدَ الْفِعْلَيْنِ، غَيْرَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ الْفِعْلُ الْآخَرُ، إِذْ لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ يَكُونُ مِنْهُ الْعَضْلُ وَلَا الْعَكْسُ، كَانَ كُلُّ فَرِيقٍ يَأْخُذُ مِنِ الْخِطَابِ مَا هُوَ بِهِ جَدِيرٌ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: طَلَّقْتُمُ أَوْقَعْتُمُ الطَّلَاقَ، فَهُمُ الْأَزْوَاجُ، وَبِقَوْلِهِ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ النَّهْيُ عَنْ صُدُورِ الْعَضْلِ، وَهُمْ أَوْلِيَاءُ النِّسَاءِ.
وَجَعَلَ فِي «الْكَشَّافِ» الْخِطَابَ لِلنَّاسِ عَامَّةً أَيْ إِذَا وُجِدَ فِيكُمُ الطَّلَاقُ وَبَلَغَ الْمُطَلَّقَاتُ أَجَلَهُنَّ، فَلَا يَقَعُ مِنْكُمُ الْعَضْلُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 426
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست