responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 419
مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَقَدْ عَصَى رَبَّهُ وَبَانَتْ مِنْهُ زَوْجُهُ، وَهَذَا يوهن رِوَايَة طَاوُوس، فَإِنَّ
ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يُخَالِفُ الصَّحَابَةَ إِلَى رَأْيِ نَفْسِهِ، حَتَّى قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبر رِوَايَة طَاوُوس وَهْمٌ وَغَلَطٌ، وَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهَا، فَالْمُرَادُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُوقِعُونَ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَدَلَ إِيقَاعِ النَّاسِ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ «إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ» فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاقِعًا فِي زَمَنِ الرَّسُولِ وَأَبِي بَكْرِ لَمَا قَالَ عُمَرُ إِنَّهُمُ اسْتَعْجَلُوا وَلَا عَابَهُ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا جَوَابٌ ضَعِيفٌ، قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: الرِّوَايَة عَن طَاوُوس بِذَلِكَ صَحِيحَةٌ.
وَأَقُولُ: أَمَّا مُخَالَفَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِمَا رَوَاهُ فَلَا يُوهِنُ الرِّوَايَةَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَنَحْنُ نَأْخُذُ بِرِوَايَتِهِ وَلَيْسَ عَلَيْنَا أَنْ نَأْخُذَ بِرَأْيِهِ، وَأَمَّا مَا تَأَوَّلُوهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُوقِعُونَ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَدَلَ إِيقَاعِ الثَّلَاثِ فَهُوَ تَأْوِيلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَمُنَافٍ لِأَلْفَاظِ الرِّوَايَةِ وَلِقَوْلِ عُمَرَ «فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ» فَإِنْ كَانَ إِمْضَاؤُهُ عَلَيْهِمْ سَابِقًا مِنْ عَهْدِ الرَّسُولِ لَمْ يَبْقَ مَعْنًى لِقَوْلِهِ: «فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ» وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِمْضَاؤُهُ سَابِقًا بَلْ كَانَ غَيْرَ مَاضٍ حَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ.
الْخَامِسَةُ مَا
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ الْمُطَّلَبِيَّ طَلَّقَ زَوْجَهُ ثَلَاثًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ أَوْ إِنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَة فارتجعها.
وَأَجَابَ عَنْهُ أَنْصَارُ الْجُمْهُورِ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ لِأَنَّهُ رَوَى أَنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ رُكَانَةَ طَلَّقَ وَفِي رِوَايَةٍ طَلَّقَ زَوْجَهُ ثَلَاثًا وَزَادَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ: أَرَدْتُ وَاحِدَةً فَاسْتَحْلَفَهُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ. وَهُوَ جَوَابٌ وَاهٍ لِأَنَّهُ سَوَاءٌ صَحَّتِ الزِّيَادَةُ أَمْ لَمْ تَصِحَّ فَقَدْ قَضَى النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَاحِدَةِ فِيمَا فِيهِ لَفْظُ الثَّلَاثِ، وَلَا قَائِلَ مِنَ الْجُمْهُورِ بَالتَّوْهِيَةِ فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَا مَحَالَةَ إِلَّا أَنَّ رِوَايَتَهُ لَيْسَتْ فِي مَرْتَبَةٍ مُعْتَبَرَةٍ مِنَ الصِّحَّةِ.
السَّادِسَةُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي حَدِيثِ تَطْلِيقِ ابْنِ عُمَرَ زَوْجَهُ حِين أمره النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنَّهُ زَادَ فِيهِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَا شَكَّ أَنَّ مَعْنَاهُ ثَلَاثًا فِي كَلِمَةٍ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ طَلْقَةً صَادَفَتْ آخِرَ الثَّلَاثِ لَمَا جَازَ إِرْجَاعُهَا إِلَيْهِ، وَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فَقَدْ عَدَّهَا عَلَيْهِ وَاحِدَةً فَقَطْ، وَهَذَا دَلِيلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا لِضَعْفِ الرِّوَايَةِ وَلِكَوْنِ مِثْلِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ مِمَّا لَا يَغْفُلُ عَنْهَا رُوَاةُ الْحَدِيثِ فِي كتب الصَّحِيح ك «الْمُوَطَّأ» و «صَحِيح البُخَارِيّ» و «مُسلم» . وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَلَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِ الْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا.
وَذَهَبَ مُقَاتِلٌ وَدَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّ طَلَاقَ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 419
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست