responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 416
فِي النُّفُوسِ مِنْ شِدَّةِ النَّفْرَةِ مِنِ اقْتِرَانِ امْرَأَتِهِ بِرَجُلٍ آخَرَ، وَيَنْشُدُهُ حَالَ
الْمَرْأَةِ قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ [1] :
وَفِي النَّاسِ إِنْ رَثَّتْ حِبَالُكَ وَاصِلٌ ... وَفِي الْأَرْضِ عَنْ دَارِ الْقِلَى مُتَحَوَّلُ
وَفِي الطِّيبِيِّ قَالَ الزَّجَّاجُ: «إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِصُعُوبَةِ تَزَوُّجِ الْمَرْأَةِ عَلَى الرَّجُلِ فَحَرَّمَ عَلَيْهِمَا التَّزَوُّجَ بَعْدَ الثَّلَاثِ لِئَلَّا يُعَجِّلُوا وَأَنْ يُثْبِتُوا» وَقَدْ عَلِمَ السَّامِعُونَ أَنَّ اشْتِرَاطَ نِكَاحِ زَوْجٍ آخَرَ هُوَ تَرْبِيَةٌ لِلْمُطَلِّقِينَ، فَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِ أَحَدٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ النِّكَاحِ فِي الْآيَةِ حَقِيقَتَهُ وَهِيَ الْعَقْدُ، إِلَّا أَنَّ الْعَقْدَ لَمَّا كَانَ وَسِيلَةً لِمَا يُقْصَدُ لَهُ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ مِنَ الْبِنَاءِ وَمَا بَعْدَهُ، كَانَ الْعَقْدُ الَّذِي لَا يَعْقُبُهُ وَطْءُ الْعَاقِدِ لِزَوْجِهِ غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ فِيمَا قُصِدَ مِنْهُ، وَلَا يَعْبَأُ الْمُطَلِّقُ الْمُوقِعُ الثَّلَاثَ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ زَوْجٍ آخَرَ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ الْمَرْأَةَ، وَلِذَلِكَ لَمَّا طَلَّقَ رِفَاعَةُ بْنُ سَمَوْأَلٍ الْقُرَظِيُّ زَوْجَهُ تَمِيمَةَ ابْنَةَ وَهْبٍ طَلْقَةً صَادَفَتْ أُخْرَى الثَّلَاثَ، وَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ الْقُرَظِيَّ،
جَاءَتِ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لَهُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي، وَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ تَزَوَّجَنِي وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ [2] هَذَا الثَّوْبِ» وَأَشَارَتْ إِلَى هُدْبِ ثَوْبٍ لَهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ» قَالَتْ «نَعَمْ» قَالَ «لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ»
الْحَدِيثَ، فَدَلَّ سُؤَالُهَا عَلَى أَنَّهَا تَتَوَقَّعُ عَدَمَ الِاعْتِدَادِ بِنِكَاحِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي تَحْلِيلٍ مِنْ بِتِّهَا، لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ النِّكَايَةِ وَالتَّرْبِيَةِ بِالْمُطَلِّقِ، فَاتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ الَّذِي يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ هُوَ دُخُولُ الزَّوْجِ الثَّانِي بِالْمَرْأَةِ وَمَسِيسُهُ لَهَا، وَلَا أَحْسَبُ دَلِيلَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَّا الرُّجُوعَ إِلَى مَقْصِدِ الشَّرِيعَةِ، الَّذِي عَلِمَهُ سَائِرُ مَنْ فَهِمَ هَذَا الْكَلَامَ الْعَرَبِيَّ الْفَصِيحَ، فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى مَتْحِ دِلَاءِ الِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّ هَذَا مِنْ لَفْظِ النِّكَاحِ الْمُرَادِ بِهِ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْآيَةِ الْمَسِيسُ أَوْ هُوَ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ، حَتَّى يَكُونَ مِنْ تَقْيِيدِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، أَوْ هُوَ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ حَتَّى يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي أَنَّهَا نَسْخٌ أَمْ لَا، وَفِي أَنَّ نَسْخَ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ أَمْ لَا، كُلُّ ذَلِكَ دُخُولٌ فِيمَا لَا طَائِلَ تَحْتَ تَطْوِيلِ تَقْرِيرِهِ بَلْ حَسْبُنَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَأَهْلِ اللِّسَانِ عَلَى فَهْمِ هَذَا الْمَقْصِدِ مِنْ لَفْظِ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَشِذَّ عَنْ ذَلِكَ

[1] هُوَ بِفَتْح الزَّاي وَكسر الْبَاء من بني قُرَيْظَة صَحَابِيّ.
[2] الهدبة بِضَم الْهَاء وَسُكُون الدَّال نِهَايَة الثَّوْب الَّتِي تتْرك وَلَا تنسج فَتتْرك سدى بِلَا لحْمَة وَرُبمَا فتلوها وَهِي الْمُسَمَّاة فِي لِسَان أهل بلدنا بالفتول.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست