responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 407
وَقَدَّمَ الْإِمْسَاكَ عَلَى التَّسْرِيحِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّهُ الْأَهَمُّ، الْمُرَغَّبُ فِيهِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ.
وَالْإِمْسَاكُ حَقِيقَتُهُ قَبْضُ الْيَدِ عَلَى شَيْءٍ مَخَافَةَ أَنْ يَسْقُطَ أَوْ يَتَفَلَّتَ، وَهُوَ هُنَا اسْتِعَارَةٌ لِدَوَامِ الْمُعَاشَرَةِ.
وَالتَّسْرِيحُ ضِدُّ الْإِمْسَاكِ فِي مَعْنَيَيْهِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ هُنَا لِإِبْطَالِ سَبَبِ الْمُعَاشَرَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَهُوَ سَبَبُ الرَّجْعَةِ ثُمَّ اسْتِعَارَةُ ذَلِكَ الْإِبْطَالِ لِلْمُفَارَقَةِ فَهُوَ مُجَازٌ بِمَرْتَبَتَيْنِ.
وَالْمَعْرُوفُ هُنَا هُوَ مَا عَرَفَهُ النَّاسُ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي قَرَّرَهَا الْإِسْلَامُ أَوْ قَرَّرَتْهَا الْعَادَاتُ الَّتِي لَا تُنَافِي أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ. وَهُوَ يُنَاسِبُ الْإِمْسَاكَ لِأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامِ الْعِصْمَةِ كُلِّهَا مِنْ إِحْسَانِ مُعَاشَرَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْإِحْسَانِ. وَأَمَّا التَّسْرِيحُ فَهُوَ فِرَاقٌ وَمَعْرُوفُهُ مُنْحَصِرٌ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْمُفَارَقَةِ بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ وَالْبَذْلِ بِالْمُتْعَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا [الْأَحْزَاب: 49] وَقَدْ كَانَ الْأَزْوَاجُ يَظْلِمُونَ الْمُطَلَّقَاتِ وَيَمْنَعُونَهُنَّ مِنْ حُلِيِّهِنَّ وَرِيَاشِهِنَّ، وَيُكْثِرُونَ الطَّعْنَ فِيهِنَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي «تَفْسِيرِهِ» : «فَإِنْ قُلْتَ هَلَّا قِيلَ فَإِمْسَاكٌ بِإِحْسَانٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِمَعْرُوفٍ قُلْتُ عَادَتُهُمْ يُجِيبُونَ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ أَخَفُّ مِنَ الْإِحْسَانِ إِذِ الْمَعْرُوفُ حُسْنُ الْعِشْرَةِ وَإِعْطَاءُ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ، وَالْإِحْسَانُ أَلَّا يَظْلِمَهَا مِنْ حَقِّهَا فَيَقْتَضِي الْإِعْطَاءَ وَبَذْلُ الْمَالِ أَشَقُّ عَلَى النُّفُوسِ مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ فَجُعِلَ الْمَعْرُوفُ مَعَ الْإِمْسَاكِ الْمُقْتَضِي دَوَامَ الْعِصْمَةِ، إِذْ لَا يَضُرُّ تَكَرُّرُهُ وَجُعِلَ الْإِحْسَانُ
الشَّاقُّ مَعَ التَّسْرِيحِ الَّذِي لَا يَتَكَرَّرُ» .
وَقَدْ أَخَذَ قَوْمٌ مِنَ الْآيَةِ مَنْعُ الْجَمْعِ بَيْنَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ قَوْلِهِ مَرَّتانِ التَّفْرِيقُ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ [الْبَقَرَة: 230] الْآيَةَ.
وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ.
يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةً، فَهُوَ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ، وَهُمَا قَوْلُهُ:
فَإِمْساكٌ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست