responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 402
وَهَذِهِ الدَّرَجَةُ هِيَ مَا فُضِّلَ بِهِ الْأَزْوَاجُ عَلَى زَوْجَاتِهِمْ: مِنَ الْإِذْنِ بِتَعَدُّدِ الزَّوْجَةِ لِلرَّجُلِ، دُونَ أَنْ يُؤْذَنَ بِمِثْلِ ذَلِكَ لِلْأُنْثَى، وَذَلِكَ اقْتَضَاهُ التَّزَيُّدُ فِي الْقُوَّةِ الْجِسْمِيَّةِ، وَوَفْرَةِ عَدَدِ الْإِنَاثِ فِي مَوَالِيدِ الْبَشَرِ، وَمِنْ جَعْلِ الطَّلَاقِ بِيَدِ الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ، وَالْمُرَاجَعَةِ فِي الْعِدَّةِ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ اقْتَضَاهُ التَّزَيُّدُ فِي الْقُوَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَصِدْقُ التَّأَمُّلِ، وَكَذَلِكَ جَعْلُ الْمَرْجِعِ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ إِلَى رَأْيِ الزَّوْج فِي شؤون الْمَنْزِلِ، لِأَنَّ كُلَّ اجْتِمَاعٍ يُتَوَقَّعُ حُصُولُ تَعَارُضِ الْمَصَالِحِ فِيهِ، يَتَعَيَّنُ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ قَاعِدَةٌ فِي الِانْفِصَالِ وَالصَّدْرُ عَنْ رَأْيٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ ذَلِكَ الْجَمْعِ، وَلَمَّا كَانَتِ الزَّوْجِيَّةُ اجْتِمَاعَ ذَاتَيْنِ لَزِمَ جَعْلُ إِحْدَاهُمَا مَرْجِعًا عِنْدَ الْخِلَافِ، وَرَجَحَ جَانِبُ الرَّجُلِ لِأَنَّ بِهِ تَأَسَّسَتِ الْعَائِلَةُ، وَلِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الصَّوَابِ غَالِبًا، وَلِذَلِكَ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ التَّرَاجُعُ، وَاشْتَدَّ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ النِّزَاعُ، لَزِمَ تَدَخُّلُ الْقَضَاءِ فِي شَأْنِهِمَا، وَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ بَعْثُ الْحَكَمَيْنِ كَمَا فِي آيَةِ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما [النِّسَاء: 35] .
وَيُؤْخَذُ مِنَ الْآيَةِ حُكْمُ حُقُوقِ الرِّجَالِ غَيْرِ الْأَزْوَاجِ بِلَحْنِ الْخِطَابِ، لِمُسَاوَاتِهِمْ لِلْأَزْوَاجِ فِي صِفَةِ الرُّجُولَةِ الَّتِي كَانَتْ هِيَ الْعِلَّةَ فِي ابْتِزَازِهِمْ حُقُوقَ النِّسَاءِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا
أَسَّسَتِ الْآيَةُ حُكْمَ الْمُسَاوَاةِ وَالتَّفْضِيلِ، بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْأَزْوَاجُ إِبْطَالًا لِعَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَخَذْنَا مِنْهَا حُكْمَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ غَيْرِ الْأَزْوَاجِ عَلَى النِّسَاءِ، كَالْجِهَادِ وَذَلِكَ مِمَّا اقْتَضَتْهُ الْقُوَّةُ الْجَسَدِيَّةُ، وَكَبَعْضِ الْوِلَايَاتِ الْمُخْتَلَفِ فِي صِحَّةِ إِسْنَادِهَا إِلَى الْمَرْأَةِ، وَالتَّفْضِيلِ فِي بَابِ الْعَدَالَةِ، وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالرِّعَايَةِ، وَذَلِكَ مِمَّا اقْتَضَتْهُ الْقُوَّةُ الْفِكْرِيَّةُ، وَضَعْفُهَا فِي الْمَرْأَةِ وَسُرْعَةُ تَأَثُّرِهَا، وَكَالتَّفْضِيلِ فِي الْإِرْثِ وَذَلِكَ مِمَّا اقْتَضَتْهُ رِئَاسَةُ الْعَائِلَةِ الْمُوجِبَةُ لِفَرْطِ الْحَاجَةِ إِلَى الْمَالِ، وَكَالْإِيجَابِ عَلَى الرَّجُلِ إِنْفَاقَ زَوْجِهِ، وَإِنَّمَا عُدَّتْ هَذِهِ دَرَجَةً، مَعَ أَنَّ لِلنِّسَاءِ أَحْكَامًا لَا يُشَارِكُهُنَّ فِيهَا الرِّجَالُ كَالْحَضَانَةِ، تِلْكَ الْأَحْكَامُ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ [النِّسَاء: 32] لِأَنَّ مَا امْتَازَ بِهِ الرِّجَالُ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْفَضَائِلِ.
فَأَمَّا تَأْدِيبُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَا زَوْجَيْنِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ شُرِعَتْ فِيهِ تِلْكَ الْمَرَاتِبُ رَعْيًا لِأَحْوَالِ طَبَقَاتِ النَّاسِ، مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النِّسَاء: 34] أَنَّ ذَلِكَ يُجْرِيهِ وُلَاةُ الْأُمُورِ، وَلَنَا فِيهِ نظر عِنْد مَا نَصِلُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 402
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست