responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 393
وَالْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الْإِيمَانُ الْكَامِلُ، وَهُوَ الْإِيمَانُ بِمَا جَاءَ بِهِ دِينُ الْإِسْلَامِ، فَلَيْسَ إِيمَانُ أَهْلِ الْكِتَابِ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ بِمُرَادٍ هُنَا إِذْ لَا مَعْنَى لِرَبْطِ نَفْيِ الْحَمْلِ فِي الْإِسْلَامِ بِثُبُوتِ إِيمَانِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى تَصْدِيقِ النِّسَاءِ فِي دَعْوَى الْحَمْلِ وَالْحَيْضِ كَمَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُنَّ مُشَبَّهًا، وَمَتَى ارْتِيبَ فِي صِدْقِهِنَّ وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى مَا هُوَ الْمُحَقَّقُ، وَإِلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ وَالْعَارِفِينَ. وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: «لَوِ ادَّعَتْ ذَاتُ الْقُرُوءِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهِا فِي مُدَّةِ شَهْرٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ لَمْ تُصَدَّقْ، وَلَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا مَعَ يَمِينِهَا» وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: خَمْسُونَ يَوْمًا، وَقَالَ ابْنُ
الْعَرَبِيِّ: لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَجَرَى بِهِ عَمَلُ تُونُسَ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي، وَعَمَلُ فَاسَ كَمَا نَقَلَهُ السِّجِلْمَاسِيُّ.
وَفِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْكِتَابِيَّةَ لَا تُصَدَّقُ فِي قَوْلِهَا إِنَّهَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا.
وَقَوْلُهُ: وَبُعُولَتُهُنَّ. الْبُعُولَةُ جَمْعُ بَعْلٍ، وَالْبَعْلُ اسْمُ زَوْجِ الْمَرْأَةِ. وَأَصْلُ الْبَعْلِ فِي كَلَامِهِمْ، السَّيِّدُ. وَهُوَ كَلِمَةٌ سَامِيَّةٌ قَدِيمَةٌ، فَقَدْ سَمَّى الْكَنْعَانِيُّونَ (الْفِينِيقِيُّونَ) مَعْبُودَهُمْ بَعْلًا قَالَ تَعَالَى: أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ [الصافات: 125] وَسُمِّيَ بِهِ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَمْرَ عِصْمَةِ زَوْجِهِ، وَلِأَنَّ الزَّوْجَ كَانَ يُعْتَبَرُ مَالِكًا لِلْمَرْأَةِ وَسَيِّدًا لَهَا، فَكَانَ حَقِيقًا بِهَذَا الِاسْمِ، ثُمَّ لَمَّا ارْتَقَى نِظَامُ الْعَائِلَةِ مِنْ عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَمَا بَعْدَهُ مِنَ الشَّرَائِعِ، أَخَذَ مَعْنَى الْمِلْكِ فِي الزَّوْجِيَّةِ يَضْعُفُ، فَأَطْلَقَ الْعَرَبُ لَفْظَ الزَّوْجِ عَلَى كُلٍّ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، اللَّذَيْنِ بَيْنَهُمَا عِصْمَةُ نِكَاحٍ، وَهُوَ إِطْلَاقٌ عَادِلٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يُثَنِّي الْفَرْدَ، فَصَارَا سَوَاءً فِي الِاسْمِ، وَقَدْ عَبَّرَ الْقُرْآنُ بِهَذَا الِاسْمِ فِي أَغْلَبِ الْمَوَاضِعِ، غَيْرَ الَّتِي حَكَى فِيهَا أَحْوَالَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ كَقَوْلِهِ: وَهذا بَعْلِي شَيْخاً [هود: 72] ، وَغَيْرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَشَارَ فِيهَا إِلَى التَّذْكِيرِ بِمَا لِلزَّوْجِ مِنْ سِيَادَةٍ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً [النِّسَاء: 128] وَهَاتِهِ الْآيَةُ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ حَقَّ الرَّجْعَةِ لِلرَّجُلِ جَبْرًا عَلَى الْمَرْأَةِ، ذَكَّرَ الْمَرْأَةَ بِأَنَّهُ بَعْلُهَا قَدِيمًا.
وَقِيلَ: الْبَعْلُ: الذَّكَرُ، وَتَسْمِيَةُ الْمَعْبُودِ بَعْلًا لِأَنَّهُ رَمْزٌ إِلَى قُوَّةِ الذُّكُورَةِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الشَّجَرُ الَّذِي لَا يُسْقَى بَعْلًا، وَجَاءَ جَمْعُهُ عَلَى وَزْنِ فُعُولَةٌ، وَأَصْلُهُ فُعُولُ الْمُطَّرِدِ فِي جَمْعِ فَعْلٍ، لَكِنَّهُ زِيدَتْ فِيهِ الْهَاءُ لِتَوَهُّمِ مَعْنَى الْجَمَاعَة فِيهِ، وَنَظِيره قَوْلِهِمْ: فُحُولَةٌ وَذُكُورَةٌ وَكُعُوبَةٌ وَسُهُولَةٌ، جَمْعُ السَّهْلِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 393
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست