responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 362
وَالْمَقْصُودُ مِنَ التَّفْضِيلِ فِي قَوْلِهِ: خَيْرٌ التَّفْضِيلُ فِي الْمَنَافِعِ الْحَاصِلَةِ مِنَ الْمَرْأَتَيْنِ فَإِنَّ فِي تَزَوُّجِ الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَةِ مَنَافِعَ دِينِيَّةً وَفِي الْحُرَّةِ الْمُشْرِكَةِ مَنَافِعُ دُنْيَوِيَّةٌ وَمَعَانِي الدِّينِ خَيْرٌ مِنْ أَعْرَاضِ الدُّنْيَا الْمُنَافِيَةِ لِلدِّينِ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ بَيَانُ حِكْمَةِ التَّحْرِيمِ اسْتِئْنَاسًا لِلْمُسْلِمِينَ.
وَوَقَعَ فِي «الْكَشَّافِ» حَمْلُ الْأَمَةِ عَلَى مُطْلَقِ الْمَرْأَةِ، لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ إِمَاءُ اللَّهِ وَعَبِيدُهُ وَأَصْلُهُ مَنْقُولٌ عَنِ الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ الْجُرْجَانِيِّ كَمَا فِي الْقُرْطُبِيِّ وَهَذَا بَاطِلٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَمِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، أَمَّا الْمَعْنَى فَلِأَنَّهُ يَصِيرُ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ إِذْ قَدْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ الْمُشْرِكَةَ دُونَ الْمُؤْمِنَةِ، وَيُفِيتُ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى شَرَفِ أَقَلِّ أَفْرَادِ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ عَلَى أَشْرَفِ أَفْرَادِ الصِّنْفِ الْآخَرِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِطْلَاقُ الْأَمَةِ عَلَى مُطْلَقِ الْمَرْأَةِ، وَلَا إِطْلَاقُ الْعَبْدِ عَلَى الرَّجُلِ إِلَّا مُقَيَّدَيْنِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي قَوْلِهِمْ يَا عَبْدَ اللَّهِ وَيَا أَمَةَ اللَّهِ، وَكَوْنُ النَّاسِ إِمَاءَ اللَّهِ
وَعَبِيدَهُ إِنَّمَا هُوَ نَظَرٌ لِلْحَقَائِقِ لَا لِلِاسْتِعْمَالِ، فَكَيْفَ يَخْرُجُ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ.
وَضَمِيرُ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ يَعُودُ إِلَى الْمُشْرِكَةِ، وَ (لَوْ) وَصْلِيَّةٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَقْصَى الْأَحْوَالِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ تَفْضِيلِ الْمُشْرِكَةِ، فَالْأَمَةُ الْمُؤْمِنَةُ أَفْضَلُ مِنْهَا حَتَّى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَوْقِعِ لَوْ الْوَصْلِيَّةِ وَالْوَاوِ الَّتِي قَبْلَهَا وَالْجُمْلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ [الْبَقَرَة: 170] .
وَقَوْلُهُ: وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا تَحْرِيمٌ لِتَزْوِيجِ الْمُسْلِمَةِ مِنَ الْمُشْرِكِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْرِكُ مَحْمُولًا عَلَى ظَاهِرِهِ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ فَالْآيَةُ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ تَزْوِيجِ الْمُسْلِمَةِ مِنَ الْكَافِرِ الْكِتَابِيِّ فَيَكُونُ دَلِيلُ تَحْرِيمِ ذَلِكَ الْإِجْمَاعَ وَهُوَ إِمَّا مُسْتَنِدٌ إِلَى دَلِيلٍ تَلَقَّاهُ الصَّحَابَةُ مِنَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَاتَرَ بَيْنَهُمْ، وَإِمَّا مُسْتَنِدٌ إِلَى تَضَافُرِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة: 10] فَعَلَّقَ النَّهْيَ بِالْكُفْرِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الشِّرْكِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ حِينَئِذٍ الْمُشْرِكِينَ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى هُنَا: أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ.
وَقَوْلُهُ: حَتَّى يُؤْمِنُوا غَايَةٌ لِلنَّهْيِ، وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إِذَا أَسْلَمَ هُوَ كَانَ أَحَقَّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ.
وَقَوْلُهُ: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ هُوَ كَقَوْلِهِ: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 362
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست