responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 354
مَحَلَّ كَمَالِ الِامْتِنَانِ وَحَتَّى تَكُونَ غَايَتُهُ التَّفَكُّرَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَا يُعْجِبُكُمْ كَوْنُهُ أَقْرَبَ لِاسْمِ الْإِشَارَة، لِأَن التَّعْلِيق بِمِثْلِ هَاتِهِ الْأُمُورِ اللَّفْظِيَّةِ فِي نُكَتِ الْإِعْجَازِ إِضَاعَةٌ لِلْأَلْبَابِ وَتَعَلُّقٌ بِالْقُشُورِ.
وَقَوْلُهُ: لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ غَايَةُ هَذَا الْبَيَانِ وَحِكْمَتُهُ، وَالْقَوْلُ فِي لَعَلَّ تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ يَتَعَلَّقُ بِتَتَفَكَّرُونَ لَا بِيُبَيِّنُ، لِأَنَّ الْبَيَانَ وَاقِعٌ فِي الدُّنْيَا فَقَطْ. وَالْمَعْنَى لِيَحْصُلَ لَكُمْ فِكْرٌ أَيْ علم فِي شؤون الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَا سِوَى هَذَا تكلّف.
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ عُطِفَ تَبْيِينُ مُعَامَلَةِ الْيَتَامَى عَلَى تَبْيِينِ الْإِنْفَاقِ لِتَعَلُّقِ الْأَمْرَيْنِ بِحُكْمِ تَحْرِيمِ الميسر أَو التَّنْزِيه عَنْهُ فَإِنَّ الْمَيْسِرَ كَانَ بَابًا وَاسِعًا لِلْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَحَاوِيجِ وَعَلَى الْيَتَامَى، وَقَدْ ذَكَرَ لَبِيدٌ إِطْعَامَ الْيَتَامَى بَعْدَ ذِكْرِ إِطْعَامِ لُحُومِ جَزُورِ الْمَيْسِرِ فَقَالَ:
وَيُكَلِّلُونَ إِذَا الرِّيَاحُ تَنَاوَحَتْ ... خُلُجًا تُمَدُّ شَوَارِعًا أَيْتَامُهَا
أَيْ تَمُدُّ أَيْدِيًا كَالرِّمَاحِ الشَّوَارِعِ فِي الْيُبْسِ أَيْ قِلَّةِ اللَّحْمِ عَلَى عِظَامِ الْأَيْدِي فَكَانَ تَحْرِيمُ الْمَيْسِرِ مِمَّا يُثِيرُ سُؤَالًا عَنْ سَدِّ هَذَا الْبَابِ عَلَى الْيَتَامَى وَفِيهِ صَلَاحٌ عَظِيمٌ لَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ السُّؤَالُ مُنَاسَبَةً حَسَنَةً لِلتَّخَلُّصِ إِلَى الْوِصَايَةِ بِالْيَتَامَى وَذِكْرِ مُجْمَلِ أَحْوَالِهِمْ فِي جُمْلَةِ إِصْلَاحِ الْأَحْوَالِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ هَذَا وَجْهَ عَطْفِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا بِوَاوِ الْعَطْفِ لِاتِّصَالِ بَعْضِ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ بِبَعْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْله: وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ السَّائِلَ عَنِ الْيَتَامَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الْإِسْرَاء: 34] إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً [النِّسَاء: 10] الْآيَاتِ انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعَامَهُ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ، فَجَعَلَ يَفْضُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَيُحْبَسُ لَهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ يَفْسُدَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَذُكِرَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 354
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست