responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 336
شَامِلَةٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ الْقَائِلُونَ لَا تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ الْمُرْتَدَّةُ وَاحْتَجُّوا بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ فَخَصُّوا بِهِ عُمُومَ
«مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ»
، وَهُوَ احْتِجَاجٌ عَجِيبٌ، لِأَنَّ هَذَا النَّهْيَ وَارِدٌ فِي أَحْكَامِ الْجِهَادِ، وَالْمَرْأَةُ مِنْ شَأْنِهَا أَلَّا تُقَاتِلَ، فَإِنَّهُ نَهَى أَيْضًا عَنْ قَتْلِ الرُّهْبَانِ وَالْأَحْبَارِ أَفَيَقُولُ هَؤُلَاءِ: إِنَّ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الرُّهْبَانِ وَالْأَحْبَارِ بَعْدَ إِسْلَامِهِ لَا يُقْتَلُ؟
وَقَدْ شَدَّدَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمُرْتَدِّ بِالزَّنْدَقَةِ أَيْ إِظْهَار الْإِسْلَام وَإِبْطَال الْكُفْرِ فَقَالَا: يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إِذَا أُخِذَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ تَائِبًا.
وَمَنْ سَبَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ.
هَذَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّدَّةَ فِي الْأَصْلِ هِيَ الْخُرُوجُ مِنْ عَقِيدَةِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ جُمْهُورِ
الْمُسْلِمِينَ وَالْخُرُوجُ مِنَ الْعَقِيدَةِ وَتَرْكُ أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ الْخَوَارِجِ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِكُفْرِ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ الْمُسْلِمِ مِنِ الْإِسْلَامِ تَصْرِيحُهُ بِهِ بِإِقْرَارِهِ نَصًّا أَوْ ضِمْنًا فَالنَّصُّ ظَاهِرٌ، وَالضِّمْنُ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدٌ بِلَفْظٍ أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ بِحَيْثُ يَكُونُ قَدْ نَصَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ كَافِرٍ مِثْلَ السُّجُودِ لِلصَّنَمِ، وَالتَّرَدُّدِ إِلَى الْكَنَائِسِ بِحَالَةِ أَصْحَابِ دِينِهَا. وَأَلْحَقُوا بِذَلِكَ إِنْكَارَ مَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ، أَيْ مَا كَانَ الْعِلْمُ بِهِ ضَرُورِيًّا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي «الْفَائِقِ» «فِي التَّكْفِيرِ بِإِنْكَارِ الْمَعْلُومِ ضَرُورَةً خِلَافٌ» . وَفِي ضَبْطِ حَقِيقَتِهِ أَنْظَارٌ لِلْفُقَهَاءِ مَحَلُّهَا كُتُبُ الْفِقْهِ وَالْخِلَافِ.
وَحِكْمَةُ تَشْرِيعِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ- مَعَ أَنَّ الْكَافِرَ بِالْأَصَالَةِ لَا يُقْتَلُ- أَنَّ الِارْتِدَادَ خُرُوجُ فَرْدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْجَامِعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ فَهُوَ بِخُرُوجِهِ مِنِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ يُنَادِي عَلَى أَنَّهُ لَمَّا خَالَطَ هَذَا الدِّينَ وَجَدَهُ غَيْرَ صَالِحٍ وَوَجَدَ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَصْلَحَ فَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالدِّينِ وَاسْتِخْفَافٌ بِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا تَمْهِيدُ طَرِيقٍ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَنْسَلَّ مِنْ هَذَا الدِّينِ وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى انْحِلَالِ الْجَامِعَةِ، فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ لِذَلِكَ زَاجِرٌ مَا انْزَجَرَ النَّاسُ وَلَا نَجِدُ شَيْئًا زَاجِرًا مِثْلَ تَوَقُّعِ الْمَوْتِ، فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْمَوْتُ هُوَ الْعُقُوبَةَ لِلْمُرْتَدِّ حَتَّى لَا يَدْخُلَ أَحَدٌ فِي الدِّينِ إِلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ، وَحَتَّى لَا يَخْرُجَ مِنْهُ أَحَدٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنِ الْإِكْرَاهِ فِي الدِّينِ الْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست