responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 324
قَدِيمٍ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْإِسْلَامُ إِبْطَالَ ذَلِكَ الْحَجْرِ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَصَالِحِ قَالَ تَعَالَى: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ [الْمَائِدَة: 97] فَكَانَ الْحَالُ يَبْعَثُ عَلَى السُّؤَالِ عَنِ اسْتِمْرَارِ حُرْمَةِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ فِي نَظَرِ الْإِسْلَامِ.
رَوَى الْوَاحِدِيُّ فِي «أَسْبَابِ النُّزُولِ» عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا وَرَوَى الطَّبَرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مُرْسَلًا وَمُطَوَّلًا، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، فَإِنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَهُ فِي ثَمَانِيَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنِ الْهِجْرَةِ، فَلَقِيَ الْمُسْلِمُونَ الْعِيرَ فِيهَا تِجَارَةٌ مَنِ الطَّائِفِ وَعَلَى الْعِيرِ عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَمْرًا وَأَسَرَ اثْنَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُمَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَالْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ وَفَرَّ مِنْهُمْ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ غَنِيمَةً، وَذَلِكَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ وَهُمْ يَظُنُّونَهُ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَقَالُوا: اسْتَحَلَّ مُحَمَّدٌ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَشَنَّعُوا ذَلِكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. فَقِيلَ: إِنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ عَلَيْهِمُ الْغَنِيمَةَ وَالْأَسِيرَيْنِ، وَقِيلَ: رَدَّ الْأَسِيرَيْنِ وَأَخَذَ الْغَنِيمَةَ.
فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ كَانَ نُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ [الْبَقَرَة: 216] وَآيَةِ وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ [الْبَقَرَة: 190] بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَتَانِ بَعْدَ هَذِهِ، كَانَ وَضْعُهُمَا فِي التِّلَاوَةِ قَبْلَهَا بِتَوْقِيفٍ خَاصٍّ لِتَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ إِكْمَالًا لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَتَانِ الْأُخْرَيَانِ، وَهَذَا لَهُ نَظَائِرُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ بِاعْتِبَارِ النُّزُولِ وَالتِّلَاوَةِ. وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَنَّهَا تَكْمِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ لِآيَةِ الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ [الْبَقَرَة: 194] .
وَالسُّؤَالُ الْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ سُؤَالُ الْمُشْركين النبيء عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، هَلْ يُقَاتَلُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ.
وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ هُنَا وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلَخْ وَقِيلَ: سُؤَالُ الْمُشْرِكِينَ عَنْ قِتَالِ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ. فَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ، وَرَدَّتْ عَلَى سُؤَالِ النَّاسِ عَنِ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَمُنَاسَبَةُ مَوْقِعِهَا عَقِبَ آيَةِ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ [الْبَقَرَة: 216] ظَاهِرَةٌ.
وَالتَّعْرِيفُ فِي (الشَّهْرِ الْحَرَامِ) تَعْرِيفُ الْجِنْسِ، وَلِذَلِكَ أُحْسِنَ إِبْدَالُ النَّكِرَةِ مِنْهُ فِي
قَوْلِهِ:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 324
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست