responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 306
ذَمِيمِ الْفِعَالِ، وَقَدْ عَبَدَ قَوْمُ نُوحٍ الْأَصْنَامَ، عَبَدُوا وَدًّا وَسُوَاعًا وَيَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَهُمْ يَوْمَئِذٍ لَمْ يَزَالُوا فِي مَوَاطِنِ آدَمَ وَبَنِيهِ فِي (جِبَالِ نُوذٍ) مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ كَمَا قِيلَ، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ وَدًّا وَسُوَاعًا وَيَغُوثَ وَيَعُوقُ وَنَسْرًا كَانُوا مِنْ صَالِحِي قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ اهـ، وَقِيلَ كَانُوا مِنْ صَالِحِي قَوْمِ آدَمَ، وَقِيلَ إِنَّ سُوَاعًا هُوَ ابْنُ شِيثَ وَأَنَّ يَغُوثَ ابْنُ سُوَاعٍ ويعوق ابْن سغوث وَنَسْرَ بن يَعُوقَ، وَقِيلَ إِنَّهُمْ مِنْ صَالِحِي عَصْرِ آدَمَ مَاتُوا فَنَحَتَ قَابِيلُ بْنُ آدَمَ لَهُمْ صُوَرًا ثُمَّ عَبَدُوهُمْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَجْيَالٍ [1] ، وَهَذَا كُلُّهُ زَمَنٌ مُتَوَغِّلٌ فِي الْقِدَمِ قَبْلَ التَّارِيخِ فَلَا يُؤْخَذُ إِلَّا بِمَزِيدِ الِاحْتِرَازِ، وَأَقْدَمُ شَرِيعَةٍ أَثْبَتَهَا التَّارِيخُ شَرِيعَةُ بِرَهَمَانَ فِي الْهِنْدِ فَإِنَّهَا تَبْتَدِئُ مِنْ قَبْلِ الْقَرْنِ الثَّلَاثِينَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ. وَفِي هَذَا الْعَهْدِ كَانَتْ فِي الْعِرَاقِ شَرِيعَةٌ عَظِيمَةٌ بِبَابِلَ وَضَعَهَا مَلِكُ بَابِلَ الْمَدْعُوُّ (حَمُورَابِي) وَيَظُنُّ الْمُؤَرِّخُونَ أَنَّهُ كَانَ مُعَاصِرًا لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي «سِفْرِ التَّكْوِينِ» بِاسْمِ (مَلِكِي صَادِقْ) الَّذِي لَقِيَ إِبْرَاهِيمَ فِي شَالِيمَ وَبَارَكَ إِبْرَاهِيمَ وَدَعَا لَهُ.
وَالْبَعْثُ: الْإِرْسَالُ وَالْإِنْهَاضُ لِلْمَشْيِ وَمِنْهُ بَعَثَ الْبَعِيرَ إِذَا أَنْهَضَهُ بَعْدَ أَنْ بَرَكَ وَالْبَعْثُ
هُنَا مَجَازٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي أَمْرِ اللَّهِ النَّبِيءَ بِتَبْلِيغِ الشَّرِيعَةِ لِلْأُمَّةِ.
وَ (النَّبِيئِينَ) جَمْعُ نَبِيءٍ وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مُشْتَقٌّ مِنَ النَّبَأِ وَهُوَ الْخَبَرُ الْمُهِمُّ، لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَهُ بِالْوَحْيِ وَعَلِمَ مَا فِيهِ صَلَاحُ نَفْسِهِ وَصَلَاحُ مَنْ يَنْتَسِبُ إِلَيْهِ، فَإِنْ أَمَرَهُ بِتَبْلِيغِ شَرِيعَةِ الْأُمَّةِ فَهُوَ رَسُولٌ فَكُلُّ رَسُولٍ نَبِيءٌ، وَالْقُرْآنُ يَذْكُرُ فِي الْغَالِبِ النَّبِيءَ مُرَادًا بِهِ الرَّسُولُ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ عَدَدَ الْأَنْبِيَاءِ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا لَا يَعْلَمُ تَفْصِيلَهُمْ وَأَزْمَانَهُمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ تَعَالَى: وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً [الْفرْقَان: 38] وَقَالَ: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ [الْإِسْرَاء: 17] . وَعَدَدُ الرُّسُلِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ.
وَالْمُرَادُ بِالنَّبِيِّينَ هُنَا خُصُوصُ الرُّسُلِ مِنْهُمْ بِقَرِينَة قَوْله فَبَعَثَ وبقرينة الْحَالِ فِي قَوْلِهِ: مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، لِأَنَّ الْبِشَارَةَ وَالْإِنْذَارَ مِنْ خَصَائِصِ الرِّسَالَةِ وَالدَّعْوَةِ وَبِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ الْآيَةَ.

[1] فِي «صَحِيح البُخَارِيّ» و «كتاب ابْن الكبي» أَن هَذِه الْأَصْنَام عبدت فِي الْعَرَب وَقد بيّنت ذَلِك فِي «تَارِيخ الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة» .
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست