responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 289
وَالْمُرَادُ بِ (بَنِي إِسْرَائِيلَ) الْحَاضِرُونَ مِنَ الْيَهُودِ. وَالضَّمِيرُ فِي آتَيْناهُمْ لَهُمْ، وَالْمَقْصُودُ إِيتَاءُ سَلَفِهِمْ لِأَنَّ الْخِصَالَ الثَّابِتَةَ لِأَسْلَافِ الْقَبَائِلِ وَالْأُمَمِ، يَصِحُّ إِثْبَاتُهَا لِلْخَلَفِ لِتُرَتِّبِ الْآثَارِ لِلْجَمِيعِ كَمَا هُوَ شَائِعٌ فِي مُصْطَلَحِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى إِيتَائِهِمُ الْآيَاتِ أَنَّهُمْ لَمَّا تَنَاقَلُوا آيَاتِ رُسُلِهِمْ فِي كُتُبِهِمْ وَأَيْقَنُوا بِهَا فَكَأَنَّهُمْ أُوتُوهَا مُبَاشَرَةً.
وَ (كَمْ) اسْمٌ لِلْعَدَدِ الْمُبْهَمِ فَيَكُونُ لِلِاسْتِفْهَامِ وَيَكُونُ لِلْإِخْبَارِ، وَإِذَا كَانَتْ لِلْإِخْبَارِ دَلَّتْ عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ مُبْهَمٍ وَلِذَلِكَ تَحْتَاجُ إِلَى مُمَيّز فِي الِاسْتِفْهَام وَفِي الْإِخْبَارِ، وَهِيَ هُنَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وُقُوعُهَا فِي حيّز السُّؤَال، فالمسؤول عَنْهُ هُوَ عَدَدُ الْآيَاتِ.
وَحَقُّ سَأَلَ أَنْ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ مِنْ بَابِ كَسَا أَيْ لَيْسَ أَصْلُ مَفْعُولَيْهِ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا، وَجُمْلَةُ كَمْ آتَيْناهُمْ لَا تَكُونُ مَفْعُولَهُ الثَّانِيَ إِذْ لَيْسَ الِاسْتِفْهَامُ مَطْلُوبًا بَلْ هُوَ عَيْنُ الطَّلَبِ، فَفِعْلُ سَلْ مُعَلَّقٌ عَنِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِأَجْلِ الِاسْتِفْهَامِ، وَجُمْلَةُ كَمْ آتَيْناهُمْ فِي مَوْقِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي سَادَّةٌ مَسَدَّهُ.
وَالتَّعْلِيقُ يَكْثُرُ فِي الْكَلَامِ فِي أَفْعَالِ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ إِذَا جَاءَ بَعْدَ الْأَفْعَالِ اسْتِفْهَامٌ أَوْ نَفْيٌ أَوْ لَامُ ابْتِدَاءٍ أَوْ لَامُ قَسَمٍ، وَأُلْحِقَ بِأَفْعَالِ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ مَا قَارَبَ مَعْنَاهَا مِنَ الْأَفْعَالِ، قَالَ
فِي «التَّسْهِيلِ» «ويشاركهن فِيهِ (أَي فِي التَّعْلِيقِ) مَعَ الِاسْتِفْهَامِ، نَظَرَ وَتَفَكَّرَ وَأَبْصَرَ وَسَأَلَ» ، وَذَلِكَ كَقَوْلِه تَعَالَى: يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ [الذاريات: 12] وَلَمَّا أَخَذَ سَأَلَ هُنَا مَفْعُولَهُ الْأَوَّلَ فَقَدْ عُلِّقَ عَنِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي، فَإِنَّ سَبَبَ التَّعْلِيق هُوَ أَن مَضْمُونُ الْكَلَامِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْحَرْفِ الْمُوجِبِ لِلتَّعْلِيقِ لَيْسَ حَالَةً مِنْ حَالَاتِ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ فَلَا يَصْلُحُ لِأَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا ثَانِيًا لِلْفِعْلِ الطَّالِبِ مَفْعُولَيْنِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ «لِأَنَّهُ كَلَامٌ قَدْ عَمِلَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ فَلَا يكون إلّا مُبْتَدَأً لَا يَعْمَلُ فِيهِ شَيْءٌ قَبْلَهُ» اهـ وَذَلِكَ سَبَبٌ لَفْظِيٌّ مَانِعٌ مِنْ تَسَلُّطِ الْعَامِلِ عَلَى مَعْمُولِهِ لَفْظًا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَزَلْ عَامِلًا فِيهِ مَعْنًى وَتَقْدِيرًا، فَكَانَتِ الْجُمْلَةُ بَاقِيَةً فِي مَحَلِّ الْمَعْمُولِ، وَأَدَاةُ الِاسْتِفْهَامِ مِنْ بَيْنِ بَقِيَّةِ مُوجِبَاتِ التَّعْلِيقِ أَقْوَى فِي إِبْعَادِهَا مَعْنَى مَا بَعْدَهَا عَنِ الْعَامِلِ الَّذِي يَطْلُبُهُ، لِأَنَّ الْكَلَامَ مَعَهَا اسْتِفْهَامٌ لَيْسَ مِنَ الْخَبَرِ فِي شَيْءٍ، إِلَّا أَنَّ مَا تُحْدِثُهُ أَدَاةُ الِاسْتِفْهَامِ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِعْلَامِ هُوَ مَعْنًى طَارِئٌ فِي الْكَلَامِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالذَّاتِ بل هُوَ قد ضَعْفٌ بِوُقُوعِهِ بَعْدَ عَامِلٍ خَبَرِيٍّ فَصَارَ الِاسْتِفْهَامُ صُورِيًّا، فَلِذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ عَمَلُ الْعَامِلِ إِلَّا لَفْظًا، فَقَوْلُكَ: عَلِمْتُ هَلْ قَامَ زَيْدٌ قَدْ دَلَّ عَلِمَ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهُ مُحَقَّقٌ فَصَارَ الِاسْتِفْهَامُ صُورِيًّا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست