responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 284
وَ (الظُّلَلُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ اسْمٌ جَمْعُ ظُلَّةٍ، وَالظُّلَّةُ تُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ وَالَّذِي تَلَخَّصَ لِي مِنْ حَقِيقَتِهَا فِي اللُّغَةِ أَنَّهَا اسْمٌ لِشِبْهِ صِفَةٍ مُرْتَفِعَةٍ فِي الْهَوَاءِ تَتَّصِلُ بِجِدَارٍ أَوْ تَرْتَكِزُ عَلَى أَعْمِدَةٍ يُجْلَسُ تَحْتَهَا لِتَوَقِّي شُعَاعِ الشَّمْسِ، فَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنِ اسْمِ الظِّلِّ جُعِلَتْ عَلَى وَزْنِ فعلة بِمَعْنى مفعولة أَوْ مَفْعُولٍ بِهَا مِثْلَ الْقُبْضَةِ بِضَمِّ الْقَافِ لِمَا يُقْبَضُ بِالْيَدِ.
وَالْغُرْفَةُ بِضَمِّ الْغَيْنِ لِمَا يُغْتَرَفُ بِالْيَدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ [الْبَقَرَة:
249] فِي قِرَاءَةِ بَعْضِ الْعَشَرَةِ بِضَمِّ الْغَيْنِ.
وَهِيَ هُنَا مُسْتَعَارَةٌ أَوْ مُشَبَّهٌ بِهَا تَشْبِيهًا بَلِيغًا: السَّحَّابَاتُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي تُشْبِهُ كُلُّ سَحَابَةٍ مِنْهَا ظُلَّةَ الْقَصْرِ.
ومِنَ الْغَمامِ بَيَانٌ لِلْمُشَبَّهِ وَهُوَ قَرِينَةُ الِاسْتِعَارَةِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ [الزمر: 16] .
وَالْإِتْيَانُ حُضُورُ الذَّاتِ فِي مَوضِع من مَوْضِعٍ آخَرَ سَبَقَ حُصُولُهَا فِيهِ وَأُسْنِدَ الْإِتْيَانُ
إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى وَجْهِ الْإِثْبَاتِ فَاقْتَضَى ظَاهِرُهُ اتِّصَافَ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْإِتْيَانُ يَسْتَلْزِمُ التَّنَقُّلَ أَوِ التَّمَدُّدَ لِيَكُونَ حَالًّا فِي مَكَانٍ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ حَتَّى يَصِحَّ الْإِتْيَانُ وَكَانَ ذَلِك يسْتَلْزم التنقل الْجِسْمَ وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْهُ، تَعَيَّنَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ، فَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ خَبَرًا أَوْ تَهَكُّمًا فَلَا حَاجَةَ لِلتَّأْوِيلِ، لِأَنَّ اعْتِقَادَهُمْ ذَلِكَ مَدْفُوعٌ بِالْأَدِلَّةِ وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ وَعِيدًا مِنَ اللَّهِ لَزِمَ التَّأْوِيلَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْجُودٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنَّهُ لَا يَتَّصِفُ بِمَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْحَوَادِثِ كَالتَّنَقُّلِ وَالتَّمَدُّدِ لِمَا عَلِمْتَ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ هَذَا عِنْدَنَا عَلَى أَصْلِ الْأَشْعَرِيِّ فِي تَأْوِيلِ الْمُتَشَابِهِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ إِمَّا فِي مَعْنَى الْإِتْيَانِ أَوْ فِي إِسْنَادِهِ إِلَى اللَّهِ أَوْ بِتَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ مِنْ مُضَافٍ أَوْ مَفْعُولٍ، وَإِلَى هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ تَرْجِعُ الْوُجُوهُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُفَسِّرُونَ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ ذَهَبَ سَلَفُ الْأُمَّةِ قَبْلَ حُدُوثِ تَشْكِيكَاتِ الْمَلَاحِدَةِ إِلَى إِقْرَارِ الصِّفَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ دُونَ تَأْوِيلٍ فَالْإِتْيَانُ ثَابِتٌ لِلَّهِ تَعَالَى، لَكِن بِلَا كَيْفَ فَهُوَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ كَالِاسْتِوَاءِ وَالنُّزُولِ وَالرُّؤْيَةِ أَيْ هُوَ إِتْيَانٌ لَا كَإِتْيَانِ الْحَوَادِثِ. فَإِمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْخَلَفِ مِنْ أَئِمَّةِ الْأَشْعَرِيَّةِ لِدَفْعِ مَطَاعِنِ الْمَلَاحِدَةِ فَتَجِيءُ وُجُوهٌ مِنْهَا:
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَقُولُ يَجُوزُ تَأْوِيلُ إِتْيَانِ الله بِأَنَّهُ مجَاز فِي التَّجَلِّي وَالِاعْتِنَاءِ إِذَا كَانَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِمَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، أَوْ بِأَنَّهُ مَجَازٌ فِي تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ التَّنْجِيزِيِّ بِإِظْهَارِ الْجَزَاءِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست