responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 279
يَكُونُ مَوْصُوفُهَا إِلَّا مِمَّا يَعْقِلُ، وَلَكِنَّ الزَّجَّاجَ وَالزَّمَخْشَرِيَّ جَوَّزَا جَعْلَ كَافَّةً حَالًا مِنَ السِّلْمِ وَالسِّلْمُ مُؤَنَّثٌ، وَفِي «الْحَوَاشِي الْهِنْدِيَّةِ عَلَى الْمُغَنِي لْلدَّمَامِينِيِّ» أَنَّهُ وَقَعَ كَافَّةً اسْمًا لِغَيْرِ الْعَاقِلِ وَغَيْرَ حَالٍ بَلْ مُضَافًا فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِآلِ كَاكْلَةَ «قَدْ جَعَلْتُ لِآلِ كَاكْلَةَ عَلَى كَافَّةِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ لِكُلِّ عَامٍ مِائَتَيْ مِثْقَالٍ ذَهَبًا إِبْرِيزًا فِي كُلِّ عَامٍ» .
وَاعْلَمْ أَنِّ تَحْجِيرَ مَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ الْعَرَبُ إِذَا سَوَّغَتْهُ الْقَوَاعِدُ تَضْيِيقٌ فِي اللُّغَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ اتِّبَاعُ الْعَرَبِ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ أَدْخَلَ فِي الْفَصَاحَةِ لَا مُوجِبًا لِلْوُقُوفِ عِنْدَهُ دُونَ تَعَدِّيهِ فَإِذَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ فَقَدْ نَهَضَ.
وَقَوْلُهُ: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ، تَحْذِيرٌ مِمَّا يَصُدُّهُمْ عَنِ الدُّخُولِ فِي السِّلْمِ
الْمَأْمُورِ بِهِ بِطَرِيقِ النَّهْيِ، عَنْ خِلَافِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَفَائِدَتُهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مَا يَصْدُرُ عَنِ الدُّخُولِ فِي السِّلْمِ هُوَ مِنْ مَسَالِكِ الشَّيْطَانِ الْمَعْرُوفِ بِأَنَّهُ لَا يُشِيرُ بِالْخَيْرِ، فَهَذَا النَّهْيُ إِمَّا أَخَصُّ مِنَ الْمَأْمُورِ بِهِ مَعَ بَيَانِ عِلَّةِ الْأَمْرِ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالسِّلْمِ غَيْرَ شُعَبِ الْإِسْلَامِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى مَا خَامَرَ نُفُوسَ جُمْهُورِهِمْ مِنْ كَرَاهِيَةِ إِعْطَاءِ الدَّنِيَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ بِصُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ كَمَا قَالَ عُمَرُ «أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا» وَكَمَا قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ «أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا الرَّأْيَ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ وَلَوْ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فِعْلَهُ لَفَعَلْنَا وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ» بِإِعْلَامِهِمْ أَنَّ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا خَيْرًا، كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى أَنَّ مَا خَامَرَ نُفُوسَهُمْ مِنْ كَرَاهِيَةِ الصُّلْحِ هُوَ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ، وَإِمَّا لِمُجَرَّدِ بَيَانِ عِلَّةِ الْأَمْرِ بِالدُّخُولِ فِي السِّلْمِ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالسِّلْمِ شُعَبَ الْإِسْلَامِ، وَالْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى لَا تَتَّبِعُوا خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ، وَمَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِعَارَةِ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً [الْبَقَرَة: 168] الْآيَةَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ تَفْرِيعٌ عَلَى النَّهْيِ أَيْ فَإِنِ اتَّبَعْتُمْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَزَلَلْتُمْ أَوْ فَإِنْ زَلَلْتُمْ فَاتَّبَعْتُمْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَأَرَادَ بِالزَّلَلِ الْمُخَالَفَةَ لِلنَّهْيِ.
وَأَصْلُ الزَّلَلِ الزَّلَقُ أَيِ اضْطِرَابُ الْقَدَمِ وَتَحَرُّكُهَا فِي الْمَوْضِعِ الْمَقْصُودِ إِثْبَاتُهَا بِهِ، وَاسْتُعْمِلَ الزَّلَلُ هُنَا مَجَازًا فِي الضُّرِّ النَّاشِئِ عَنِ اتِّبَاعِ الشَّيْطَانِ مِنْ بِنَاءِ التَّمْثِيلِ عَلَى التَّمْثِيلِ لِأَنَّهُ لَمَّا شُبِّهَتْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست