responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 266
لِلصِّدْقِ عَلَى فَرِيقٍ أَوْ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ (وَمن) الْمَوْصُولَةُ كَذَلِكَ صَالِحَةٌ لِفَرِيقٍ وَشَخْصٍ.
وَالْإِعْجَابُ إِيجَادُ الْعُجْبِ فِي النَّفْسِ وَالْعَجَبُ: انْفِعَالٌ يَعْرِضُ لِلنَّفْسِ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ أَمْرٍ غَيْرِ مَأْلُوفٍ خُفِيَ سَبَبُهُ. وَلَمَّا كَانَ شَأْنُ مَا يَخْفَى سَبَبُهُ أَنْ تَرْغَبَ فِيهِ النَّفْسُ، صَارَ الْعجب مستلزما للاستحسان فَيُقَالُ أَعْجَبَنِي الشَّيْءُ بِمَعْنَى أَوْجَبَ لِي اسْتِحْسَانَهُ، قَالَ الْكَوَاشِيُّ يُقَالُ فِي الِاسْتِحْسَانِ: أَعْجَبَنِي كَذَا، وَفِي الْإِنْكَارِ: عَجِبْتُ مِنْ كَذَا، فَقَوْلُهُ: يُعْجِبُكَ أَيْ يَحْسُنُ عِنْدَكَ قَوْلُهُ.
وَالْمُرَادُ مِنَ الْقَوْلِ هُنَا مَا فِيهِ مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى حَالِهِ فِي الْإِيمَانِ وَالنُّصْحِ لِلْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُهِمُّ الرَّسُولَ وَيُعْجِبُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ صِفَةَ قَوْلِهِ فِي فَصَاحَةٍ وَبَلَاغَةٍ إِذْ لَا غَرَضَ فِي ذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا يُضَادُّ قَوْلَهُ: وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ إِلَى آخِرِهِ.
وَالْخِطَابُ إِمَّا لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُظْهِرُ لَكَ مَا يُعْجِبُكَ مِنَ الْقَوْلِ وَهُوَ الْإِيمَانُ وَحُبُّ الْخَيْرِ وَالْإِعْرَاضُ عَنِ الْكُفَّارِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِ «مِنْ» الْمُنَافِقِينَ وَمُعْظَمُهُمْ مِنَ الْيَهُودِ، وَفِيهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَهْلِ يَثْرِبَ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي، أَوْ طَائِفَةً مُعَيَّنَةً مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَقِيلَ: أُرِيدَ بِهِ الْأَخْنَس بن شرِيف الثَّقَفِيُّ وَاسْمُهُ أُبَيٌّ وَكَانَ مَوْلًى لِبَنِي زُهْرَةَ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُمْ أَخْوَالُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُظْهِرُ الْمَوَدَّةَ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْضَمَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فِي وَاقِعَةِ بَدْرٍ بَلْ خَنَسَ أَيْ تَأَخَّرَ عَنِ الْخُرُوجِ مَعَهُمْ إِلَى بَدْرٍ وَكَانَ لَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ أحلافه فصدهم عَن الِانْضِمَامِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَهُوَ مُنَافِقٌ، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَطُّ، وَلَكِنْ كَانَ يُظْهِرُ الْوُدَّ لِلرَّسُولِ فَلَمَّا انْقَضَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ قِيلَ: إِنَّهُ حَرَقَ زَرْعًا لِلْمُسْلِمِينَ وَقَتَلَ حَمِيرًا لَهُمْ فَنَزَلَتْ فِيهِ هَاتِهِ الْآيَةُ وَنَزَلَتْ فِيهِ أَيْضًا وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [الْقَلَم: 10، 11] وَنَزَلَتْ فِيهِ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الْهمزَة: 1] ، وَقِيلَ بَلْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ ثَقِيفٍ عَدَاوَةٌ فَبَيَّتَّهُمْ لَيْلًا فَأَحْرَقَ زَرْعَهُمْ وَقَتَلَ مَوَاشِيَهُمْ فَنَزَلَتْ فِيهِ الْآيَةُ وَعَلَى هَذَا فَتَقْرِيعُهُ لِأَنَّهُ غَدَرَهُمْ وَأَفْسَدَ.
وَيَجُوزُ أَنَّ الْخِطَابَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لِيَعُمَّ كُلَّ مُخَاطَبٍ تَحْذِيرًا لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنْ تَرُوجَ عَلَيْهِمْ حيل الْمُنَافِقين وتنبيه لَهُمْ إِلَى اسْتِطْلَاعِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَالظَّرْفُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا يَجُوزُ أَن يتَعَلَّق بيعجبك فَيُرَادُ بِهَذَا الْفَرِيقِ مِنَ النَّاسِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ وَالرَّغْبَةَ فِيهِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا [الْبَقَرَة: 14] أَيْ إِعْجَابُكَ بِقَوْلِهِمْ لَا يَتَجَاوَزُ الْحُصُولَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ فِي الْآخِرَةِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست