responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 264
يَحْسُنُ مِنَ الْكَلَامِ، فَدَفَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ فَإِذَا نُفِيَ هَذَا التَّوَهُّمُ عَلِمَ السَّامِعُ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَتْ لِلْمُتَأَخِّرِ فَضِيلَةُ الْإِقَامَةِ بِتِلْكَ الْمَنَازِلِ الْمُبَارَكَةِ وَالْمُشَارَكَةِ فِيهَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِذَلِكَ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: لِمَنِ اتَّقى أَيْ لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ فِي تَأَخُّرِهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ فِي أَيَّامِ مِنَى، وَإِلَّا فَالتَّأَخُّرُ فِيهَا لِمَنْ لَمْ يَتَّقِ إِثْمٌ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ (لَا) مِنْ مَعْنَى النَّفْيِ، أَوْ هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ، أَيْ ذَلِكَ وَبِدُونِ هَذَا لَا يَظْهَرُ وَجْهٌ لِزِيَادَةِ قَوْلِهِ لِمَنِ اتَّقى وَإِنْ تَكَلَّفُوا فِي تَفْسِيرِهِ بِمَا لَا تَمِيلُ النَّفْسُ إِلَى تَقْرِيرِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَاتَّقُوا اللَّهَ وِصَايَةٌ بِالتَّقْوَى وَقَعَتْ فِي آخِرِ بَيَانِ مَهَامِّ أَحْكَامِ الْحَجِّ، فَهِيَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى وَاذْكُرُوا اللَّهَ أَو مُعْتَرضَة بَيْنَ وَمَنْ تَأَخَّرَ وَبَيْنَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ [الْبَقَرَة: 204] إِلَخْ.
وَقَدِ اسْتُحْضِرَ حَالُ الْمُخَاطَبِينَ بِأَحْكَامِ الْحَجِّ فِي حَالِ حجهم لِأَن فَاتِحَة هَاتِهِ الْآيَاتِ كَانَتْ بِقَوْلِهِ: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ [الْبَقَرَة: 197] إِلَخْ وَلَمَّا خُتِمَتْ بِقَوْلِهِ: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ وَهِيَ آخِرُ أَيَّامِ الْحَجِّ وَأُشِيرَ فِي ذَلِكَ إِلَى التَّفَرُّقِ وَالرُّجُوعِ إِلَى الْأَوْطَانِ بِقَوْلِهِ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ إِلَخْ، عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَاتَّقُوا اللَّهَ وَصِيَّةٌ جَامِعَةٌ لِلرَّاجِعِينَ مِنَ الْحَجِّ أَنْ يُرَاقِبُوا تَقْوَى اللَّهِ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِمْ وَأَمَاكِنِهِمْ وَلَا يَجْعَلُوا تَقْوَاهُ خَاصَّةً بِمُدَّةِ الْحَجِّ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُهُ الْجَاهِلِيَّةُ فَإِذَا انْقَضَى الْحَجُّ رَجَعُوا يَتَقَاتَلُونَ وَيُغِيرُونَ وَيُفْسِدُونَ، وَكَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ انْقِضَاءِ رَمَضَانَ.
وَقَوْلُهُ: وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ تَحْرِيضٌ عَلَى التَّقْوَى وَتَحْذِيرٌ مِنْ خِلَافِهَا لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ سَعَى لِمَا يَجْلِبُ رِضَا الْمَرْجُوعِ إِلَيْهِ وَتَجَنَّبَ سُخْطَهُ. فَالْأَمْرُ فِي اعْلَمُوا لِلتَّذْكِيرِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ [الْبَقَرَة: 196] .
وَالْحَشْرُ: الْجَمْعُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَلِذَلِكَ نَاسَبَ قَوْلُهُ: تُحْشَرُونَ حَالَتَيْ تَفَرُّقِ الْحَجِيجِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَجِّ وَاجْتِمَاعِ أَفْرَادِ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ إِلَى بَلَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَاخْتِيرَ لَفْظُ (تُحْشَرُونَ) هُنَا دُونَ تَصِيرُونَ أَوْ تُرْجَعُونَ، لِأَنَّ تُحْشَرُونَ أَجْمَعُ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْمَصِيرِ وَعَلَى الرُّجُوعِ مَعَ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ كُلُّهُمْ كَمَا كَانُوا مُجْتَمِعِينَ حِينَ اسْتِحْضَارِ حَالِهِمْ فِي هَذَا الْخِطَابِ وَهُوَ اجْتِمَاعُ الْحَجِّ، وَلِأَنَّ النَّاسَ بَعْدَ.
الْحَجِّ يُحْشَرُونَ إِلَى مَوَاطِنِهِمْ فَذَكَّرَهُمْ بِالْحَشْرِ الْعَظِيمِ، فَلَفْظُ تُحْشَرُونَ أَنْسَبُ بِالْمَقَامِ من وُجُوه كثير، وَالْعَرَبُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست