responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 243
فَالْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ: أَفِيضُوا جَمِيعُ الْمُسلمين وَالْمرَاد بِالنَّاسِ عُمُومُ النَّاسِ يَعْنِي مَنْ عَدَا قُرَيْشًا وَمَنْ كَانَ مِنَ الْحُمْسِ الَّذِينَ كَانُوا يُفِيضُونَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ وَهُمْ قُرَيْشٌ وَمَنْ وَلَدُوا وَكِنَانَةُ وَأَحْلَافُهُمْ.
رَوَى الطَّبَرِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ لَا أَدْرِي قَبْلَ الْفِيلِ أَمْ بَعْدَهُ ابْتَدَعَتْ أَمْرَ الْحُمْسِ رَأْيًا قَالُوا: نَحْنُ وُلَاةُ الْبَيْتِ وَقَاطِنُو مَكَّةَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ مِثْلُ حَقِّنَا وَلَا مِثْلُ مَنْزِلِنَا فَلَا تُعَظِّمُوا شَيْئًا مِنَ الْحِلِّ كَمَا تُعَظِّمُونَ الْحَرَمَ- يَعْنِي لِأَنَّ عَرَفَةَ مِنَ الْحِلِّ- فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ اسْتَخَفَّتِ الْعَرَبُ بِحَرَمِكُمْ وَقَالُوا: قَدْ عَظَّمُوا مِنَ الْحِلِّ مِثْلَ مَا عَظَّمُوا مِنَ الْحَرَمِ فَلِذَلِكَ تَرَكُوا الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ وَالْإِفَاضَةَ مِنْهَا وَكَانَتْ كِنَانَةُ وَخُزَاعَةُ قَدْ دَخَلُوا مَعَهُمْ فِي ذَلِك اهـ، يَعْنِي فَكَانُوا لَا يُفِيضُونَ إِلَّا إِفَاضَةً وَاحِدَةً بِأَنْ يَنْتَظِرُوا الْحَجِيجَ حَتَّى يَرِدُوا مِنْ عَرَفَةَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ فَيَجْتَمِعُ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي مُزْدَلِفَةَ وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ تَسْمِيَةِ مُزْدَلِفَةَ بِجَمْعٍ، لِأَنَّهَا يُجْمَعُ بِهَا الْحُمْسُ وَغَيْرُهُمْ فِي الْإِفَاضَةِ فَتَكُونُ الْآيَةُ قَدْ رَدَّتْ عَلَى قُرَيْشٍ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ أَفِيضُوا الْإِفَاضَةَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى، فَتَكُونُ (ثُمَّ) لِلتَّرَاخِي وَالتَّرْتِيبِ فِي الزَّمَنِ أَيْ بَعْدَ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَهِيَ مِنَ السُّنَّةِ الْقَدِيمَةِ مِنْ عَهْدِ إِبْرَاهِيمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا يُقَالُ، وَكَانَ عَلَيْهَا الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَت الْإِجَازَةُ فِيهَا بِيَدِ خُزَاعَةَ ثُمَّ صَارَتْ بَعْدَهُمْ لِبَنِي عُدْوَانَ مِنْ قَيْسِ عَيْلَانَ، وَكَانَ آخِرُ مَنْ تَوَلَّى الْإِجَازَةَ مِنْهُمْ أَبَا سَيَّارَةَ عُمَيْلَةَ بْنَ الْأَعْزَلِ أَجَازَ بِالنَّاسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً إِلَى أَنْ فُتِحَتْ مَكَّةَ فَأُبْطِلَتِ الْإِجَازَةُ وَصَارَ النَّاسُ يَتْبَعُونَ أَمِيرَ الْحَجِّ، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَخْرُجُونَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ يَوْمَ عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرَ وَهُوَ أَعْلَى جَبَلٍ قُرْبَ مِنًى وَكَانَ الَّذِي يُجِيزُ بِهِمْ يَقِفُ قُبَيْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَيَدْعُو بِدُعَاءٍ يَقُولُ فِيهِ: «اللَّهُمَّ بَغِّضْ بَيْنَ رِعَائِنَا، وَحَبِّبْ بَيْنَ نِسَائِنَا، وَاجْعَلِ الْمَالَ فِي سُمَحَائِنَا، اللَّهُمَّ كُنْ لَنَا جَارًا مِمَّنْ نَخَافُهُ، أَوْفَوْا بِعَهْدِكُمْ، وَأَكْرِمُوا جَارَكُمْ، وَاقْرُوا ضَيْفَكُمْ» ، فَإِنْ قَرُبَ طُلُوعُ الشَّمْسِ قَالَ: «أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ» وَيَرْكَبُ أَبُو سَيَّارَةَ حِمَارًا أَسْوَدَ فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ دَفَعَ بِهِمْ وَتَبِعَهُ النَّاسُ وَقَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ رَاجِزُهُمْ:
خَلُّوا السَّبِيلَ عَنْ أَبِي سَيَّارَهْ ... وَعَنْ مَوَالِيهِ بَنِي فَزَارَهْ

حَتَّى يُجِيزَ سَالِمًا حِمَارَهْ ... مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَدْعُو جَارَهْ
أَيْ يَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى لِقَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ كُنْ لَنَا جَارًا مِمَّنْ نَخَافُهُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست