responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 235
يَظْهَرُ أَنَّ غَيْرَ الْكَبَائِرِ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ وَأَنَّ تَعَمُّدَ الْكَبَائِرِ مُفْسِدٌ لِلْحَجِّ وَهُوَ أَحْرَى بِإِفْسَادِهِ مِنْ قُرْبَانِ النِّسَاءِ الَّذِي هُوَ الْتِذَاذٌ مُبَاحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْجِدَالُ مَصْدَرُ جَادَلَهُ إِذَا خَاصَمَهُ خِصَامًا شَدِيدًا وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ
[فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: 107] ، إِذْ فَاتَنَا بَيَانُهُ هُنَا.
وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْجِدَالِ هُنَا فَقِيلَ السَّبَابُ وَالْمُغَاضَبَةُ، وَقِيلَ تَجَادُلُ الْعَرَبِ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ إِذْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقِفُ فِي عَرَفَةَ وَبَعْضُهُمْ يَقِفُ فِي جَمْعٍ وَرُوِيَ هَذَا
عَنْ مَالِكٍ.
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مُدَارَسَةَ الْعِلْمِ وَالْمُنَاظَرَةَ فِيهِ لَيْسَتْ مِنَ الْجِدَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الْوَزِيرِ أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ لَمَّا أَتَمَّ تَفْسِيرَ «الْكَشَّافِ» وَضَعَهُ فِي الْكَعْبَةِ فِي مُدَّةِ الْحَجِّ بِقَصْدِ أَنْ يُطَالِعَهُ الْعُلَمَاءُ يَحْضُرُونَ الْمَوْسِمَ وَقَالَ: مَنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُجَادِلَ فِي شَيْءٍ فَلْيَفْعَلْ، فَزَعَمُوا أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ قَائِلًا: بِمَاذَا فَسَّرْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَأَنَّهُ وَجَمَ لَهَا، وَأَنَا أَحْسَبُ إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ أَعْرَضَ عَنْ مُجَاوَبَتِهِ، لِأَنَّهُ رَآهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْجِدَالِ الْمَمْنُوعِ فِي الْحَجِّ وَبَيْنَ الْجِدَالِ فِي الْعِلْمِ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُجَادَلَةَ فِي إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَإِقَامَةِ حُدُودِ الدِّينِ لَيْسَتْ مِنَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ مَا يَجُرُّ إِلَى الْمُغَاضَبَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَيُنَافِي حُرْمَةَ الْحَجِّ وَلِأَجْلِ مَا فِي أَحْوَالِ الْجِدَالِ مِنَ التَّفْصِيلِ كَانَتِ الْآيَةُ مُجْمِلَةً فِيمَا يُفْسِدُ الْحَجَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْجِدَالِ فَيُرْجَعُ فِي بَيَانِ ذَلِكَ إِلَى أَدِلَّةٍ أُخْرَى.
وَقَوْلُهُ: وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ عَقَّبَ بِهِ النَّهْيَ عَنِ الْمَنْهِيَّاتِ لِقَصْدِ الِاتِّصَافِ بِأَضْدَادِ تِلْكَ الْمَنْهِيَّاتِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا تَفْعَلُوا مَا نُهِيتُمْ عَنْهُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ فَمَا تَفْعَلُوا يَعْلَمْهُ اللَّهُ، وَأُطْلِقُ عِلْمُ اللَّهِ وَأُرِيدُ لَازِمُهُ وَهُوَ الْمُجَازَاةُ عَلَى الْمَعْلُومِ بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَلا رَفَثَ إِلَخْ.
وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبابِ.
مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا مِنَ الْكِنَايَةِ عَنِ التَّرْغِيبِ فِي فِعْلِ الْخَيْر، وَالْمعْنَى وَأَكْثرُوا مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ.
وَالتَّزَوُّدُ إِعْدَادُ الزَّادِ وَهُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يَحْمِلُهُ الْمُسَافِرُ، وَهُوَ تَفَعُّلٌ مُشْتَقٌّ مِنِ اسْمٍ جَامِدٍ وَهُوَ الزَّادُ كَمَا يُقَالُ تَعَمَّمَ وَتَقَمَّصَ أَيْ جَعَلَ ذَلِكَ مَعَهُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست