responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 232
عَشْرُ لَيَالٍ فَإِنْ تَخَلَّجَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ فَدَعْهُ، تَعْنِي أَكْلَ لَحْمِ الصَّيْدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَقْرِيرًا لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَعْيِينِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً [التَّوْبَة: 36] الْآيَةَ، وَقِيلَ: الْمَقْصُودُ
بَيَانُ وَقْتِ الْحَجِّ وَلَا أَنْثَلِجُ لَهُ.
وَالْأَشْهُرُ الْمَقْصُودَةُ هِيَ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ لَا غَيْرَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ ذَا الْحِجَّةِ كُلَّهُ شَهْرٌ أَوِ الْعَشْرُ الْأَوَائِلُ مِنْهُ أَوِ التِّسْعُ فَقَطْ، أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْهُ، فَقَالَ بِالْأَوَّلِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ بِالثَّانِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ بِالثَّالِثِ الشَّافِعِيُّ، وَالرَّابِعُ قَول فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» غَيْرَ مَعْزُوٍّ.
وَإِطْلَاقُ الْأَشْهُرِ عَلَى الشَّهْرَيْنِ وَبَعض الشَّهْر عِنْدَ أَصْحَابِ الْقَوْلَيْنِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مُخَرَّجٌ عَلَى إِطْلَاقِ الْجَمْعِ عَلَى الِاثْنَيْنِ أَوْ عَلَى اعْتِبَارِ الْعَرَبِ الدُّخُولَ فِي الشَّهْرِ أَوِ السَّنَةِ كَاسْتِكْمَالِهِ، كَمَا قَالُوا: ابْنُ سَنَتَيْنِ لِمَنْ دَخَلَ فِي الثَّانِيَة، وَكَثْرَة هَذَا الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَنْ أَوْقَعَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْحَجِّ مِمَّا يَصِحُّ تَأْخِيرُهُ كَطَوَافِ الزِّيَارَةِ بَعْدَ عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ، فَمَنْ يَرَاهُ أَوْقَعَهُ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ دَمًا وَمَنْ يَرَى خِلَافَهُ يَرَى خِلَافَهُ.
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ قَبْلَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا يُجْزِئُ وَيَكُونُ لَهُ عُمْرَةً كَمَنْ أَحْرَمَ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَعَلَيْهِ: يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُجْزِئُ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالنَّخَعِيُّ: يَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا كَرَّهَ الْعُمْرَةَ فِي بَقِيَّةِ ذِي الْحِجَّةِ، لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَيَضْرِبُ فَاعِلَهُ بِالدُّرَّةِ، وَدَلِيلُ مَالِكٍ فِي هَذَا مَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ، وَاحْتَجَّ النَّخَعِيُّ بقوله تَعَالَى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [الْبَقَرَة: 189] إِذْ جَعَلَ جَمِيعَ الْأَهِلَّةِ مَوَاقِيتَ لِلْحَجِّ وَلَمْ يُفَصِّلْ، وَهَذَا احْتِجَاجٌ ضَعِيفٌ، إِذْ لَيْسَ فِي الْآيَةِ تَعْمِيمُ جَمِيعِ الْأَهِلَّةِ لِتَوْقِيتِ الْحَجِّ بَلْ مَسَاقُ الْآيَةِ أَنَّ جَمِيعَ الْأَهِلّة صَالِحَة للتوفيق إِجْمَالًا، مَعَ التَّوْزِيعِ فِي التَّفْصِيلِ فَيُوَقَّتُ كُلُّ عَمَلٍ بِمَا يُقَارِنُهُ مِنْ ظُهُورِ الْأَهِلَّةِ عَلَى مَا تُبَيِّنُهُ أَدِلَّةٌ أُخْرَى مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 232
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست