responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 220
وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ وَلَا الْعُمْرَةِ وَلَكِنْ دَلِيلُ حُكْمِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عِنْدَهُمَا غَيْرُ هَذِهِ الْآيَة، وَعَلِيهِ فمجمل الْآيَةِ عِنْدَهُمَا عَلَى وُجُوبِ هَاتَيْنِ الْعِبَادَتَيْنِ لِمَنْ أَحْرَمَ لَهُمَا، فَأَمَّا مَالِكٌ فَقَدْ عَدَّهُمَا مِنَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَجِبُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَهِيَ سَبْعُ عِبَادَاتٍ عِنْدَنَا هِيَ الصَّلَاةُ، وَالصِّيَامُ، وَالِاعْتِكَافُ، وَالْحَجُّ، وَالْعمْرَة، وَالطّواف، والائتمام، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَدْ أَوْجَبَ النَّوَافِلَ كُلَّهَا بِالشُّرُوعِ.
وَمَنْ لَمْ يَرَ وُجُوبَ النَّوَافِلِ بِالشُّرُوعِ وَلَمْ يَرَ الْعُمْرَةَ وَاجِبَةً يَجْعَلُ حُكْمَ إِتْمَامِهَا كَحُكْمِ أَصْلِ الشُّرُوعِ فِيهَا وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِالْإِتْمَامِ فِي الْآيَةِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنَ الطَّلَبِ اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرَائِنِ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ قَرَأَ، (وَالْعُمْرَةُ) بِالرَّفْعِ حَتَّى لَا تَكُونَ فِيمَا شَمَلَهُ الْأَمْرُ بِالْإِتْمَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ فَيُخْتَصُّ بِالْحَجِّ.
وَجَعَلَهَا الشَّافِعِيَّةُ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ كَالْحَجِّ، وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ لَهُ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِإِتْمَامِهَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِالْإِتْمَامِ مُرَادًا بِهِ الْإِتْيَانُ بِهِمَا تَامَّيْنِ أَيْ مُسْتَجْمِعِي الشَّرَائِطِ وَالْأَرْكَانِ، فَالْمُرَادُ بِالْإِتْمَامِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ عَلَى أَحَدِ الِاسْتِعْمَالَيْنِ السَّابِقَيْنِ، قَالُوا: إِذْ لَيْسَ هُنَا كَلَامٌ عَلَى الشُّرُوعِ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالْإِتْمَامِ، وَلِأَنَّهُ مَعْضُودٌ بِقِرَاءَةِ «وَأَقِيمُوا الْحَجَّ» وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِتْمَامِ هُنَا الْإِتْيَانَ عَلَى آخِرِ الْعِبَادَةِ فَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِالشُّرُوعِ، لِأَنَّ الْإِتْمَامَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الشُّرُوعِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِالْإِتْمَامِ كِنَايَةً عَنِ الْأَمْرِ بِالْفِعْلِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ حَمْلَ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ بِأَصْلِ الْمَاهِيَّةِ لَا بِصِفَتِهَا اسْتِعْمَالٌ قَلِيلٌ كَمَا عَرَفْتَ، وَقِرَاءَةُ: «وَأَقِيمُوا» لِشُذُوذِهَا لَا تَكُونُ دَاعِيًا لِلتَّأْوِيلِ، وَلَا تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ خَبَرِ الْآحَادِ، إِذَا لَمْ يَصِحَّ سَنَدُهَا إِلَى مَنْ نُسِبَتْ إِلَيْهِ وَأَمَّا عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ التَّكَنِّيَ بِالْإِتْمَامِ عَنْ إِيجَابِ الْفِعْلِ مصير إِلَى خلال الظَّاهِرِ مَعَ أَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِلْحَمْلِ عَلَى الظَّاهِرِ بِأَنْ يَدُلَّ عَلَى مَعْنَى: إِذَا شَرَعْتُمْ فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَيَكُونُ مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ وَيَكُونُ حَقِيقَةً وَإِيجَازًا بَدِيعًا، وَهُوَ الَّذِي يُؤْذِنُ بِهِ السِّيَاقُ كَمَا قَدَّمْنَا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا نَوَوُا الْعُمْرَةَ، عَلَى أَنَّ شَأْنَ إِيجَابِ الْوَسِيلَةِ بِإِيجَابِ الْمُتَوَسِّلِ إِلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْمَنْصُوصُ عَلَى وُجُوبِهِ هُوَ الْمَقْصِدَ فَكَيْفَ
يَدَّعِي الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ أَتِمُّوا هَنَا مُرَادٌ مِنْهُ إِيجَابُ الشُّرُوعِ، لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْعِصَامُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست