responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 188
وَالْمَالُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَا تَحْصُلُ تِلْكَ الْإِقَامَةُ بِذَاتِهِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ الْأَطْعِمَةُ كَالْحُبُوبِ، وَالثِّمَارِ، وَالْحَيَوَانِ لِأَكْلِهِ وَلِلِانْتِفَاعِ بِصُوفِهِ وَشَعْرِهِ وَلَبَنِهِ وَجُلُودِهِ
وَلِرُكُوبِهِ قَالَ تَعَالَى: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ [النَّحْل: 80] وَقَالَ:
لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ [غَافِر: 79] وَقَدْ سَمَّتِ الْعَرَبُ الْإِبِلَ مَالًا قَالَ زُهَيْرٌ:
صَحِيحَاتِ مَالٍ طَالِعَاتٍ بِمَخْرَمِ

وَقَالَ عُمَرُ: «لَوْلَا الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلَادِهِمْ شِبْرًا» ، وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ أَعْلَى أَنْوَاعِ الْأَمْوَالِ وَأَثْبَتُهَا، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ حَاصِلَةٌ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى أَحْوَالِ الْمُتَعَامِلِينَ وَلَا عَلَى اصْطِلَاحَاتِ الْمُنَظِّمِينَ، فَصَاحِبُهُ يَنْتَفِعُ بِهِ زَمَنَ السِّلْمِ وَزَمَنَ الْحَرْبِ وَفِي وَقْتِ الثِّقَةِ وَوَقْتِ الْخَوْفِ وَعِنْدَ رِضَا النَّاسِ عَلَيْهِ وَعَدَمِهِ وَعِنْدَ احْتِيَاجِ النَّاسِ وَعَدَمِهِ،
وَفِي الْحَدِيثِ «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِي مَالِي وَإِنَّمَا مَالُكَ مَا أَكَلْتَ فَأَمْرَيْتَ أَوْ أَعْطَيْتَ فَأَغْنَيْتَ»
فَالْحَصْرُ هُنَا لِلْكَمَالِ فِي الِاعْتِبَارِ مِنْ حَيْثُ النَّفْعِ الْمَادِّيِّ وَالنَّفْعِ الْعَرَضِيِّ.
النَّوْعُ الثَّانِي: مَا تَحْصُلُ تِلْكَ الْإِقَامَةُ بِهِ وَبِمَا يُكْمِلُهُ مِمَّا يَتَوَقَّفُ نَفْعُهُ عَلَيْهِ كَالْأَرْضِ لِلزَّرْعِ وَلِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا، وَالنَّارِ لِلطَّبْخِ وَالْإِذَابَةِ، وَالْمَاءِ لِسَقْيِ الْأَشْجَارِ، وَآلَاتِ الصِّنَاعَاتِ لِصُنْعِ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْحَطَبِ وَالصُّوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا النَّوْعُ دُونَ النَّوْعِ الثَّانِي لِتَوَقُّفِهِ عَلَى أَشْيَاءَ رُبَّمَا كَانَتْ فِي أَيْدِي النَّاسِ فَضَنَّتْ بِهَا وَرُبَّمَا حَالَتْ دُونَ نَوَالِهَا مَوَانِعُ مِنْ حَرْبٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ وُعُورَةِ طَرِيقٍ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَا تَحْصُلُ الْإِقَامَةُ بِعِوَضِهِ مِمَّا اصْطَلَحَ الْبَشَرُ عَلَى جَعْلِهِ عِوَضًا لِمَا يُرَادُ تَحْصِيلُهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالنَّقْدِ أَوْ بِالْعُمْلَةِ، وَأَكْثَرُ اصْطِلَاحِ الْبَشَرِ فِي هَذَا النَّوْعِ عَلَى مَعْدَنَيِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْبَشَرِ مِنَ التَّعَامُلِ بِالنُّحَاسِ وَالْوَدَعِ وَالْخَرَزَاتِ وَمَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ التَّعَامُلِ بِالْحَدِيدِ الْأَبْيَضِ وَبِالْأَوْرَاقِ الْمَالِيَّةِ وَهِيَ أَوْرَاقُ الْمَصَارِفِ الْمَالِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ وَهِيَ حُجَجُ الْتِزَامٍ مِنَ الْمَصْرِفِ بِدَفْعِ مِقْدَارِ مَا بِالْوَرَقَةِ الصَّادِرَةِ مِنْهُ، وَهَذَا لَا يَتِمُّ اعْتِبَارُهُ إِلَّا فِي أَزْمِنَةِ السِّلْمِ وَالْأَمْنِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُتَقَارِبُ الْأَفْرَادِ، وَالْأَوْرَاقُ الَّتِي تُرَوِّجُهَا الْحُكُومَاتُ بِمَقَادِيرَ مَالِيَّةٍ يَتَعَامَلُ بِهَا رَعَايَا تِلْكَ الْحُكُومَاتِ.
وَقَوْلِي فِي التَّعْرِيفِ: حَاصِلًا بِكَدْحٍ، أَرَدْتُ بِهِ أَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يَكُونَ حَاصِلًا بِسَعْيٍ فِيهِ كُلْفَةٌ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست