responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 184
وَقَدْ جِيءَ فِي الْغَايَةِ بِحَتَّى وَبِالتَّبَيُّنِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْإِمْسَاكَ يَكُونُ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْفَجْرِ لِلنَّاظِرِ وَهُوَ الْفَجْرُ الصَّادِقُ، ثُمَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ تَحْدِيدٌ لِنِهَايَةِ وَقْتِ الْإِفْطَارِ بِصَرِيحِ الْمَنْطُوقِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ لَا مَحَالَةَ أَنَّهُ ابْتِدَاءُ زَمَنِ الصَّوْمِ، إِذْ لَيْسَ فِي زَمَانِ رَمَضَانَ إِلَّا صَوْمٌ وَفِطْرٌ وَانْتِهَاءُ أَحَدِهِمَا مَبْدَأُ الْآخَرِ فَكَانَ قَوْلُهُ: أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ بَيَانًا لِنِهَايَةِ وَقْتِ الصِّيَامِ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ أَتِمُّوا وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ صُومُوا لِأَنَّهُمْ صَائِمُونَ مِنْ قَبْلُ.
وإِلَى اللَّيْلِ غَايَةٌ اخْتِيرَ لَهَا (إِلَى) لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَعْجِيلِ الْفِطْرِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِأَن إِلَى لَا تَمْتَدُّ مَعَهَا الْغَايَةُ بِخِلَافِ حَتَّى، فَالْمُرَادُ هُنَا مُقَارَنَةُ إِتْمَامِ الصِّيَامِ بِاللَّيْلِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ ثُمَّ فِي عَطْفِ الْجُمَلِ لِلتَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ وَهُوَ اهْتِمَامٌ بِتَعْيِينِ وَقْتِ الْإِفْطَارِ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْبِشَارَةِ لَهُمْ، وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ الْخَبَّازُ السَّمَرْقَنْدِيُّ مِنْ قُدَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِثُمَّ فِي هَاتِهِ الْآيَةِ عَلَى صِحَّةِ تَأْخِيرِ النِّيَّةِ عَنِ الْفَجْرِ احْتِجَاجًا لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ جَوَازِ تَأْخِيرِ النِّيَّة إِلَى الصحوة الْكُبْرَى. بِنَاءً عَلَى أَنَّ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي وَأَنَّ إِتْمَامَ الصِّيَامِ يَسْتَلْزِمُ ابْتِدَاءَهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ ثُمَّ بَعْدَ تَبْيِينِ الْخَيْطَيْنِ مِنَ الْفَجْرِ صُومُوا أَوْ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ فَيَنْتِجُ مَعْنَى صُومُوا بَعْدَ تَرَاخٍ عَنْ وَقْتِ الْفَجْرِ وَهُوَ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ وَالْمَصِيرِ إِلَى دَلَالَةِ الْإِشَارَةِ الْخَفِيفَةِ غَفْلَةٌ عَنْ مَعْنَى التَّرَاخِي فِي عَطْفِ (ثُمَّ) لِلْجُمَلِ.
هَذَا، وَقَدْ رُوِيَتْ قِصَّةٌ فِي فَهْمِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَفِي نُزُولِهَا مُفَرَّقَةً،
فَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ عَمِدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَسْتَبِينُ لِي الْأَبْيَضُ مِنَ الْأَسْوَدِ فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ،
وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّكَ لِعَرِيضُ الْقَفَا، إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ» .
وَرَوَيَا عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ نَزَلَتْ: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ وَلَمْ يَنْزِلْ مِنَ الْفَجْرِ فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الْأَسْوَدَ وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى تَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ مِنَ الْفَجْرِ، فَيَظْهَرُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ مِثْلَ مَا عَمِلَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ قَدْ كَانَ عَمِلَهُ غَيْرُهُ مِنْ قَبْلِهِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، فَإِنَّ عَدِيًّا أَسْلَمَ سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ سَنَةَ عَشْرٍ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ فُرِضَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست