responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 182
لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ إِذْ عَلِمَ اللَّهُ مَا ضَيَّقَ بِهِ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَوْحَى بِهِ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُفْشُوا ذَلِكَ وَلَا أَخْبَرُوا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ وَلِذَلِكَ لَا نَجِدُ فِي رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ وَالنَّسَائِيِّ أَنَّ النَّاسَ ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ إِلَّا فِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ صِرْمَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَلَعَلَّهُ مِنْ زِيَادَاتِ الرَّاوِي. فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَدْ شُرِّعَ ثُمَّ نُسِخَ فَلَا أَحْسِبُهُ، إِذْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الدِّينِ الَّذِي شَرَّعَ الصَّوْمَ أَوَّلَ مَرَّةٍ يَوْمًا فِي السَّنَةِ ثُمَّ دَرَّجَهُ فَشَرَّعَ الصَّوْمَ شَهْرًا عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِطْعَامِ تَخْفِيفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفْرِضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَا يُبِيحُ الْفِطْرَ إِلَّا سَاعَاتٍ قَلِيلَةٍ مِنَ اللَّيْلِ.
وَلَيْلَةُ الصِّيَامِ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَعْقُبُهَا صِيَامُ الْيَوْمِ الْمُوَالِي لَهَا جَرْيًا عَلَى اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ فِي إِضَافَةِ اللَّيْلَةِ لِلْيَوْمِ الْمُوَالِي لَهَا إِلَّا لَيْلَةَ عَرَفَةَ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا اللَّيْلَةُ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ.
وَالرَّفَثُ فِي «الأساس» و «اللِّسَان» أَنَّ حَقِيقَتَهُ الْكَلَامُ مَعَ النِّسَاء فِي شؤون الِالْتِذَاذِ بِهِنَّ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْجِمَاعِ كِنَايَةً، وَقِيلَ هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا وَهُوَ الظَّاهِر، وتعديته بإلى لِيَتَعَيَّنَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْإِفْضَاءُ.
وَقَوْلُ: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ كَالْعِلَّةِ لِمَا قَبْلَهَا أَيْ أُحِلَّ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ، ذَلِكَ أَنَّ الصَّوْمَ لَوْ فُرِضَ عَلَى النَّاسِ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ وَقْتُ الِاضْطِجَاعِ لَكَانَ الْإِمْسَاكُ عَنْ قُرْبَانِ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَنَتًا وَمَشَقَّةً شَدِيدَةً لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِي الْإِمْسَاكِ عَنْ قُرْبَانِهِنَّ فِي النَّهَارِ لِإِمْكَانِ الِاسْتِعَانَةِ عَلَيْهِ فِي النَّهَارِ بِالْبُعْدِ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ اسْتِعَارَةٌ بِجَامِعِ شِدَّةِ الِاتِّصَالِ حِينَئِذٍ وَهِيَ اسْتِعَارَةٌ أَحْيَاهَا الْقُرْآنُ، لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتِ اعتبرتها فِي قَوْله: لَابَسَ الشَّيْءُ الشَّيْءَ، إِذَا اتَّصَلَ بِهِ لَكِنَّهُمْ صَيَّرُوهَا فِي خُصُوصِ
زِنَةِ الْمُفَاعَلَةِ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فَجَاءَ الْقُرْآنُ فَأَحْيَاهَا وَصَيَّرَهَا اسْتِعَارَةً أَصْلِيَّةً جَدِيدَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تَبَعِيَّةً مَنْسِيَّةً وَقَرِيبٌ مِنْهَا قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسِلِ

وتَخْتانُونَ قَالَ الرَّاغِبُ: «الِاخْتِيَانُ مُرَاوَدَةُ الْخِيَانَةِ» بِمَعْنَى أَنَّهُ افْتِعَالٌ مِنَ الْخَوْنِ وَأَصْلُهُ تَخْتَوِنُونَ فَصَارَتِ الْوَاوُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، وَخِيَانَةُ الْأَنْفُسِ تَمْثِيلٌ لِتَكْلِيفِهَا مَا لَمْ تُكَلَّفْ بِهِ كأنّ ذَلِك تَعْزِير بِهَا إِذْ يُوهِمُهَا أَنَّ الْمَشَقَّةَ مَشْرُوعَةٌ عَلَيْهَا وَهِيَ لَيْسَتْ بِمَشْرُوعَةٍ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِمُغَالَطَتِهَا فِي التَّرَخُّصِ بِفِعْلِ مَا تَرَوْنَهُ مُحَرَّمًا عَلَيْكُمْ فَتُقْدِمُونَ تَارَةً

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست