responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 167
نَسَخَتْهَا آيَةُ شَهْرُ رَمَضانَ [الْبَقَرَة: 185] ثُمَّ أَخْرَجَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مَنْ يُطِيقُهُ وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَنَسَخَتْهَا: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ، وَرُوِيَتْ فِي ذَلِكَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ عَنِ التَّابِعِينَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ مِنْ عَادَةِ الشَّارِعِ فِي تَدَرُّجِ تَشْرِيعِ التَّكَالِيفِ الَّتِي فِيهَا مَشَقَّةٌ عَلَى النَّاسِ مِنْ تَغْيِيرِ مُعْتَادِهِمْ كَمَا تَدَرَّجَ فِي تَشْرِيعِ مَنْعِ الْخَمْرِ.
وَنُلْحِقُ بِالْهَرِمِ وَالْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ كُلَّ مَنْ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ أَوْ تَوَقُّعٌ ضُرٍّ مِثْلَهُمْ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْزِجَةِ وَاخْتِلَافِ أَزْمَانِ الصَّوْمِ مِنِ اعْتِدَالٍ أَوْ شِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ، وَبِاخْتِلَافِ أَعْمَالِ الصَّائِمِ الَّتِي يَعْمَلُهَا لِاكْتِسَابِهِ مِنَ الصَّنَائِعِ كَالصَّائِغِ وَالْحَدَّادِ وَالْحَمَّامِيِّ وَخِدْمَةِ الْأَرْضِ وَسَيْرِ الْبَرِيدِ وَحَمْلِ الْأَمْتِعَةِ وَتَعْبِيدِ الطُّرُقَاتِ وَالظِّئْرِ.
وَقَدْ فُسِّرَتِ الْفِدْيَةُ بِالْإِطْعَامِ إِمَّا بِإِضَافَةِ الْمُبَيَّنِ إِلَى بَيَانِهِ كَمَا قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ: (فِدْيَةُ طَعَامِ مَسَاكِينَ) ، بِإِضَافَةِ فِدْيَةٍ إِلَى طَعَامٍ، وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِتَنْوِينِ (فِدْيَةٌ) وَإِبْدَالِ (طَعَامُ) مِنْ (فِدْيَةٌ) .
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرَ (مَسَاكِينَ) بِصِيغَةِ الْجَمْعِ جَمْعِ مِسْكِينٍ، وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ، فَقِرَاءَةُ الْجَمْعِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اعْتِبَارِ جَمْعِ الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ مِثْلَ رَكِبَ النَّاسُ دَوَابَّهُمْ، وَقِرَاءَةُ الْإِفْرَادِ اعْتِبَارٌ بِالْوَاجِبِ عَلَى آحَادِ الْمُفْطِرِينَ.
وَالْإِطْعَامُ هُوَ مَا يُشْبِعُ عَادَةً مِنَ الطَّعَامِ الْمُتَغَذَّى بِهِ فِي الْبَلَدِ، وَقَدَّرَهُ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ.
فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ.
تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ إِلَخْ، وَالتَّطَوُّعُ: السَّعْيُ فِي أَنْ يَكُونَ
طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ أَيْ طَاعَ طَوْعًا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. وَالْخَيْرُ مَصْدَرُ خَارَ إِذَا حَسُنَ وَشَرُفَ وَهُوَ مَنْصُوبٌ لِتَضْمِينِ تَطَوَّعَ مَعْنَى أَتَى، أَوْ يَكُونُ خَيْراً صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ تَطَوُّعًا خَيْرًا. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخَيْرَ هُنَا مُتَطَوَّعٌ بِهِ فَهُوَ الزِّيَادَةُ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي الْكَلَامُ بِصَدَدِهِ وَهُوَ الْإِطْعَامُ لَا مَحَالَةَ، وَذَلِكَ إِطْعَامٌ غَيْرُ وَاجِبٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: فَمَنْ زَادَ عَلَى إِطْعَامِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست