responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 137
بِأَنْفُسِهِمْ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى صُورَةِ الْحَرْبِ بَيْنَ رَهْطَيْنِ فَيَكْثُرُ فِيهِ إِتْلَافُ الْأَنْفُسِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى صَدْرِ الْآيَةِ، وَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ [الْبَقَرَة: 179] .
وَأَوَّلُ دَمٍ أُقِيدَ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ دَمُ رَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ فَأَقَادَ مِنْهُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَائِرٌ إِلَى فَتْحِ الطَّائِفِ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: بَحْرَةَ الرُّغَاءِ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِ وَذَلِكَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.
وفِي مِنْ قَوْلِهِ: فِي الْقَتْلى، لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ وَالْقِصَاصُ لَا يَكُونُ فِي ذَوَاتِ الْقَتْلَى، فَتَعَيَّنَ تَقْدِيرُ مُضَافٍ وَحَذْفُهُ هُنَا لِيَشْمَلَ الْقصاص سَائِر شؤون الْقَتْلَى وَسَائِرَ مَعَانِي الْقِصَاصِ فَهُوَ إِيجَازٌ وَتَعْمِيمٌ.
وَجَمْعُ الْقَتْلى بِاعْتِبَارِ جَمْعِ الْمُخَاطَبِينَ أَيْ فِي قَتْلَاكُمْ، وَالتَّعْرِيفُ فِي الْقَتْلَى تَعْرِيفُ الْجِنْسِ، وَالْقَتِيلُ هُوَ مَنْ يَقْتُلُهُ غَيْرُهُ مِنَ النَّاسِ وَالْقَتْلُ فِعْلُ الْإِنْسَانِ إِمَاتَةَ إِنْسَانٍ آخَرَ فَلَيْسَ الْمَيِّتُ بِدُونِ فِعْلِ فَاعِلٍ قَتِيلًا.
وَجُمْلَةُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى بَيَانٌ وَتَفْصِيلٌ لِجُمْلَةِ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِالْحُرِّ وَمَا بَعْدَهُ، مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ وَالتَّقْدِيرِ الْحُرُّ يَقْتَصُّ أَوْ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ إِلَخْ وَمَفْهُومُ الْقَيْدِ مَعَ مَا فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى مِنْ مَعْنَى الْوَصْفِيَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُرَّ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ لَا بِغَيْرِهِ وَالْعَبْدَ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ لَا بِغَيْرِهِ، وَالْأُنْثَى تُقْتَلُ بِالْأُنْثَى لَا بِغَيْرِهَا.
وَقَدِ اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ بِاطِّرَادٍ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمِقْدَارِ الْمَعْمُولِ بِهِ مِنْهُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَدِلَّةِ الثَّابِتَةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَفِي الْمُرَادِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَمَحْمَلِ مَعْنَاهَا، فَفِي «الْمُوَطَّأِ» «قَالَ مَالِكٌ أَحْسُنُ مَا سَمِعْتُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ فَهَؤُلَاءِ الذُّكُورُ وَقَوْلَهُ: وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى أَنَّ الْقِصَاصَ يَكُونُ بَيْنَ الْإِنَاثِ كَمَا يَكُونُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ تُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ كَمَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْأَمَةُ تُقْتَلُ بِالْأَمَةِ كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْقِصَاصُ يَكُونُ بَيْنَ النِّسَاءِ كَمَا يكون يبن الرِّجَالِ. وَالْقِصَاصُ أَيْضًا يَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ» . أَيْ وَخُصَّتِ الْأُنْثَى بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّهَا مَشْمُولَةٌ لِعُمُومِ الْحُرِّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ صِيغَةَ التَّذْكِيرِ فِي قَوْلِهِ: الْحُرُّ وَقَوْلِهِ: الْعَبْدُ مُرَادٌ بِهَا خُصُوصُ الذُّكُورِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ طَائِفَةٍ إِنَّ الْآيَةَ جَاءَتْ مُبَيِّنَةً لِحُكْمِ النَّوْعِ إِذَا قَتَلَ نَوْعَهُ فَبَيَّنَتْ حُكْمَ الْحُرِّ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست