responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 113
بِأَنْ لَا طَائِلَ فِي هِجَائِهِ الْأَخْطَلَ:
فَانْعِقْ بِضَأْنِكَ يَا جَرِيرُ فَإِنَّمَا ... مَنَّتْكَ نَفْسُكَ فِي الظَّلَامِ ضَلَالَا
وَالدُّعَاءُ وَالنِّدَاءُ قِيلَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَهُوَ تَأْكِيدٌ وَلَا يَصِحُّ، وَقِيلَ الدُّعَاءُ لِلْقَرِيبِ وَالنِّدَاءُ لِلْبَعِيدِ، وَقِيلَ الدُّعَاءُ مَا يُسْمَعُ وَالنِّدَاءُ قَدْ يُسْمَعُ وَقَدْ لَا يُسْمَعُ وَلَا يَصِحُّ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا نَوْعَانِ مِنَ الْأَصْوَاتِ الَّتِي تَفْهَمُهَا الْغَنَمُ، فَالدُّعَاءُ مَا يُخَاطَبُ بِهِ الْغَنَمُ مِنَ الْأَصْوَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى الزَّجْرِ وَهِيَ أَسمَاء الْأَصْوَات، والنداء رَفْعُ الصَّوْتِ عَلَيْهَا لِتَجْتَمِعَ إِلَى رُعَاتِهَا، وَلَا يَجُوزَ أَنْ يَكُونَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ مَعَ وُجُودِ الْعَطْفِ لِأَنَّ التَّوْكِيدَ اللَّفْظِيَّ لَا يُعْطَفُ فَإِنَّ حَقِيقَةَ النِّدَاءِ رَفْعُ الصَّوْتِ لِإِسْمَاعِ الْكَلَامِ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا نِدَاءُ الرِّعَاءِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا لِلتَّعَاوُنِ عَلَى ذَوْدِ الْغَنَمِ، وَسَيَأْتِي مَعْنَى النِّدَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ [الْأَعْرَاف: 43] فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ.
وَقَوْلُهُ: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ أَخْبَارٌ لِمَحْذُوفٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْحَذْفِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي بِمُتَابَعَةِ الِاسْتِعْمَالِ بَعْدَ أَنْ أَجْرَى عَلَيْهِمُ التَّمْثِيلَ، وَالْأَوْصَافُ إِنْ رَجَعَتْ لِلْمُشْرِكِينَ فَهِيَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ رَجَعَتْ إِلَى الْأَصْنَامِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ يَنْعِقُ عَلَى أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فَهِيَ حَقِيقَةٌ وَتَكُونُ شَاهِدًا عَلَى صِحَّةِ الْوَصْفِ بِالْعَدَمِ لِمَنْ لَا يَصِحُّ اتِّصَافُهُ بِالْمَلَكَةِ كَقَوْلِكَ لِلْحَائِطِ: هُوَ أَعْمَى، إِلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْأَصْنَامَ لَمَّا فَرَضَهَا الْمُشْرِكُونَ عُقَلَاءَ آلِهَةً وَأُرِيدَ إِثْبَاتُ انْعِدَامِ الْإِحْسَاسِ مِنْهُمْ عُبِّرَ عَنْهَا بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ تَهَكُّمًا بِالْمُشْرِكِينَ فَقِيلَ: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ كَقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ: يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ
[مَرْيَم: 42] .
وَقَوْلُهُ: فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ تقريع كَمَجِيءِ النَّتِيجَةِ بَعْدَ الْبُرْهَانِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ رَاجِعًا لِلْمُشْرِكِينَ فَالِاسْتِنْتَاجُ عَقِبَ الِاسْتِدْلَالِ ظَاهِرٌ لِخَفَاءِ النَّتِيجَةِ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ، أَيْ إِنْ تَأَمَّلْتُمْ
وَجَدْتُمُوهُمْ لَا يَعْقِلُونَ لِأَنَّهُمْ كَالْأَنْعَامِ وَالصُّمِّ وَالْبُكْمِ إِلَخْ، وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا لِلْأَصْنَامِ فَالِاسْتِنْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى غَبَاوَةِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوهَا. وَمَجِيءُ الضَّمِيرِ لَهُمْ بِضَمِيرِ الْعُقَلَاءِ تَهَكَّمٌ بِالْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْأَصْنَامَ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْعُقَلَاءِ كَمَا تقدم.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست