responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 79
يَكُونَ فِعْلُ يَشْهَدُونَ بِمَعْنَى الْإِخْبَارِ عَمَّا عَلِمُوهُ وَيَكُونَ الزُّورُ مَنْصُوبًا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ لَا يَشْهَدُونَ بِالزُّورِ أَوْ مَفْعُولًا مُطْلَقًا لِبَيَانِ نَوْعِ الشَّهَادَةِ، أَيْ لَا يَشْهَدُونَ شَهَادَةً هِيَ زُورٌ لَا حَقٌّ.
وَقَوْلُهُ: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً مُنَاسِبٌ لِكِلَا الْجُمْلَتَيْنِ.
وَاللَّغْوُ: الْكَلَامُ الْعَبَثُ وَالسَّفَهُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً فِي سُورَةِ مَرْيَمَ [62] . وَمَعْنَى الْمُرُورِ بِهِ الْمُرُورُ بِأَصْحَابِهِ اللَّاغِينَ فِي حَالِ لَغْوِهِمْ، فَجَعَلَ الْمُرُورَ بِنَفْسِ اللَّغْوِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ أَصْحَابَ اللَّغْوِ مُتَلَبِّسُونَ بِهِ وَقْتَ الْمُرُورِ.
وَمَعْنَى: مَرُّوا كِراماً أَنَّهُمْ يَمُرُّونَ وَهُمْ فِي حَالِ كَرَامَةٍ، أَيْ غَيْرَ مُتَلَبِّسِينَ بِالْمُشَارَكَةِ فِي اللَّغْوِ فِيهِ فَإِنَّ السُّفَهَاءَ إِذَا مَرُّوا بِأَصْحَابِ اللَّغْوِ أَنِسُوا بِهِمْ وَوَقَفُوا عَلَيْهِمْ وَشَارَكُوهُمْ فِي لَغْوِهِمْ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَانُوا فِي غَيْرِ حَالِ كَرَامَةٍ.
وَالْكَرَامَةُ: النَّزَاهَةُ وَمَحَاسِنُ الْخِلَالِ، وَضِدُّهَا اللُّؤْمُ وَالسَّفَالَةُ. وَأَصْلُ الْكَرَامَةِ أَنَّهَا نَفَاسَةُ الشَّيْءِ فِي نَوْعِهِ قَالَ تَعَالَى: أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [الشُّعَرَاء: 7] . وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ حِمْيَرَ فِي «الْحَمَاسَةِ» :
وَلَا يَخِيمُ اللِّقَاءَ فَارِسُهُمْ ... حَتَّى يَشُقَّ الصُّفُوفَ مِنْ كَرَمِهِ
أَيْ شَجَاعَتُهُ، وَقَالَ تَعَالَى: وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً [الْأَحْزَاب: 44] .
وَإِذَا مَرَّ أَهْلُ الْمُرُوءَةِ عَلَى أَصْحَابِ اللَّغْوِ تَنَزَّهُوا عَنْ مُشَارَكَتِهِمْ وَتَجَاوَزُوا نَادِيَهُمْ فَكَانُوا فِي حَالِ كَرَامَةٍ، وَهَذَا ثَنَاءٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِتَرَفُّعِهِمْ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً [الْأَنْعَام: 70] ، وَقَوْلِهِ: وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ [الْقَصَص: 55] .
وَإِعَادَةُ فِعْلِ مَرُّوا لِبِنَاءِ الْحَالِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مِنْ مَحَاسِنِ الِاسْتِعْمَالِ، كَقَوْلِ الْأَحْوَصِ:
فَإِذَا تَزُولُ تَزُولُ عَنْ مُتَخَمِّطٍ ... تُخْشَى بَوَادِرُهُ عَلَى الْأَقْرَانِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست