responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 64
صَدْرِ السُّورَةِ. وَافْتُتِحَ ذَلِكَ بِإِنْشَاءِ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ بِالْبِرْكَةِ وَالْخَيْرِ لِمَا جَعَلَهُ لِلْخَلْقِ مِنَ الْمَنَافِعِ. وَتَقَدَّمَ تَبارَكَ أَوَّلَ السُّورَةِ [1] وَفِي قَوْلِهِ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ فِي الْأَعْرَافِ [54] .
وَالْبُرُوجُ: مَنَازِلُ مُرُورِ الشَّمْسِ فِيمَا يَرَى الرَّاصِدُونَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحِجْرِ [16] .
وَالِامْتِنَانُ بِهَا لِأَنَّ النَّاسَ يُوَقِّتُونَ بِهَا أَزْمَانَهُمْ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ سِراجاً بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ. وَالسِّرَاجُ: الشَّمْسُ كَقَوْلِهِ: وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً فِي سُورَةِ نُوحٍ [16] . وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ لِمَا يَرِدُ بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ
اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً ...
[الْفرْقَان: 62] .
وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ سُرُجًا بِضَمِّ السِّينِ وَالرَّاءِ جَمْعُ سِرَاجٍ فَيَشْمَلُ مَعَ الشَّمْسِ النُّجُومَ، فَيَكُونُ امْتِنَانًا بِحُسْنِ مَنْظَرِهَا لِلنَّاسِ كَقَوْلِهِ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ [الْملك: 5] . وَالِامْتِنَانُ بِمَحَاسِنِ الْمَخْلُوقَاتِ وَارِدٌ فِي الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى: وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ [النَّحْل: 6] .
وَالْكَلَامُ جَارٍ عَلَى التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ السِّرَاجِ: الْمِصْبَاحُ الزَّاهِرُ الضِّيَاءَ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّهُ جَعَلَ الشَّمْسَ مُزِيلَةً لِلظُّلْمَةِ كَالسِّرَاجِ، أَوْ خَلَقَ النُّجُومَ كَالسِّرَاجِ فِي التَّلَأْلُؤِ وَحُسْنِ الْمَنْظَرِ.
وَدَلَالَةُ خلق البروج وَخلق الشَّمْس وَالْقَمَرِ عَلَى عَظِيمِ الْقُدْرَة دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ لِلْعَاقِلِ، وَكَذَلِكَ دَلَالَتُهُ عَلَى دَقِيقِ الصُّنْعِ وَنِظَامِهِ بِحَيْثُ لَا يَخْتَلُّ وَلَا يَخْتَلِفُ حَتَّى تَسَنَّى لِلنَّاسِ رَصْدُ أَحْوَالِهَا وَإِنَاطَةُ حسابهم بهَا.
[62]

[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 62]
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (62)
الِاسْتِدْلَالُ هَذَا بِمَا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنِ اخْتِلَافِ الْحَالِ بَيْنَ ظُلْمَةٍ وَنُورٍ، وَبَرْدٍ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست