responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 62
سَمَوْتَ بِالْمَجْدِ يَا ابْنَ الْأَكْرَمِينَ أَبًا ... وَأَنْتَ غَيْثُ الْوَرَى لَا زِلْتَ رَحْمَانَا
فَذَلِكَ بَعْدَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ فِي مُدَّةِ الرِّدَّةِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا سَمِعُوهُ مِنَ الْقُرْآنِ أَنْكَرُوهُ قَصْدًا بِالتَّوَرُّكِ عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَنْ جَهْلٍ بِمَدْلُولِ هَذَا الْوَصْفِ وَلَا بِكَوْنِهِ جَارِيًا عَلَى
مَقَايِيسِ لُغَتِهِمْ وَلَا أَنَّهُ إِذَا وُصِفُ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ رَبٌّ وَاحِدٌ وَأَنَّ التَّعَدُّدَ فِي الْأَسْمَاءِ فَكَانُوا يَقُولُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الصابىء يَنْهَانَا أَنْ نَدْعُوَ إِلَهَيْنِ وَهُوَ يَدْعُو اللَّهَ وَيَدْعُو الرَّحْمَنَ. وَفِي ذَلِكَ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [110] وَهَذِهِ الْآيَةُ تُشِيرُ إِلَى آيَةِ سُورَةِ الْإِسْرَاءِ.
وَالْخَبَرُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ كِنَايَةً فِي التَّعْجِيبِ مِنْ عِنَادِهِمْ وَبُهْتَانِهِمْ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ إِفَادَةَ الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْلُومٌ مِنْ شَأْنِهِمْ.
وَالسُّجُودُ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ سُجُودُ الِاعْتِرَافِ لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَهُوَ شِعَارُ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَكُنِ السُّجُودُ مِنْ عِبَادَتِهِمْ وَإِنَّمَا كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْأَصْنَامِ، وَأَمَّا سُجُودُ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا إِذْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ وَلَا فَائِدَةَ فِي تَكْلِيفِهِمْ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا. وَيَدُلُّ لِذَلِكَ
حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ أَرْسَلَهُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ
إِلَخْ. وَمَسْأَلَةُ تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لَا طَائِلَ تَحْتَهَا.
وَوَاوُ الْعَطْفِ فِي قَوْلِهِمْ وَمَا الرَّحْمنُ لِعَطْفِهِمُ الْكَلَامَ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُمْ عَلَى الْكَلَامِ الَّذِي وُجِّهَ إِلَيْهِمْ فِي أَمرهم بِالسُّجُود للرحمان، عَلَى طَرِيقَةِ دُخُولِ الْعَطْفِ بَيْنَ كَلَامَيْ مُتَكَلِّمَيْنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي [الْبَقَرَة:
124] . ومَا مِنْ قَوْلِهِ وَمَا الرَّحْمنُ اسْتِفْهَامِيَّةٌ.
وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الِاسْتِغْرَابِ، يَعْنُونَ تَجَاهُلَ هَذَا الِاسْمِ، وَلِذَلِكَ اسْتَفْهَمُوا عَنْهُ بِمَا دُونَ (مَنْ) بِاعْتِبَارِ السُّؤَالِ عَنْ مَعْنَى هَذَا الِاسْمِ.
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا إِنْكَارٌ وَامْتِنَاعٌ، أَيْ لَا نَسْجُدُ لِشَيْءٍ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست