responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 280
وَالْمَعْنَى: إِنْكَارُ جَعْلِهِمْ تَأْخِيرَ الْعَذَابِ أَمَارَةً عَلَى كَذِبِ الْوَعِيدِ بِهِ وَأَنَّ الْأَوْلَى بِهِمْ أَنْ يَجْعَلُوا امْتِدَادَ السَّلَامَةِ أَمَارَةً عَلَى إِمْهَالِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ فَيَتَّقُوا حُلُولَ الْعَذَابِ، أَيْ لِمَ تَبْقَوْنَ عَلَى التَّكْذِيبِ مُنْتَظَرِينَ حُلُولَ الْعَذَابِ، وَكَانَ الْأَجْدَرُ بِكُمْ أَنْ تُبَادِرُوا بِالتَّصْدِيقِ مُنْتَظَرِينَ عَدَمَ حُلُولِ الْعَذَابِ بِالْمَرَّةِ. وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ فَجَوَابُ صَالِحٍ إِيَّاهُمْ جَارٍ عَلَى الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ بِجَعْلِ يَقِينِهِمْ بِكَذِبِهِ مَحْمُولًا عَلَى تَرَدُّدِهِمْ بَيْنَ صِدْقِهِ وَكَذِبِهِ.
وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْحَسَنَةِ حَالٌ مِنَ السَّيِّئَةِ. وَهَذَا تَنْبِيهٌ لَهُمْ عَلَى خَطَئِهِمْ فِي ظَنِّهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَالِحٌ صَادِقًا فِيمَا تَوَعَّدَهُمْ بِهِ لَعَجَّلَ لَهُمْ بِهِ، فَمَا تَأْخِيرُهُ إِلَّا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَعِيدٍ حَقٍّ، لِأَنَّ الْعَذَابَ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا يَجُوزُ الدُّخُولُ تَحْتَ احْتِمَالِهِ فِي مَجَارِي الْعُقُولِ. فَالْقَبْلِيَّةُ فِي قَوْلِهِ: قَبْلَ الْحَسَنَةِ مَجَازٌ فِي اخْتِيَارِ الْأَخْذِ بِجَانِبِ احْتِمَالِ السَّيِّئَةِ وَتَرْجِيحِهِ عَلَى الْأَخْذِ بِجَانِبِ الْحَسَنَةِ، فَكَأَنَّهُمْ بَادَرُوا إِلَيْهَا فَأَخَذُوهَا قَبْلَ أَنْ يَأْخُذُوا الْحَسَنَةَ.
وَظَاهِرُ الِاسْتِفْهَامِ أَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ عَنْ عِلَّةِ اسْتِعْجَالِهِمْ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِفْهَامٌ عَنِ الْمَعْلُولِ كِنَايَةً عَنِ انْتِفَاءِ مَا حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِاسْتِعْجَالِ الْعَذَابِ، فَالْإِنْكَارُ مُتَوَجِّهٌ لِلِاسْتِعْجَالِ لَا لِعِلَّتِهِ.
ثُمَّ أُعْقِبَ الْإِنْكَارُ الْمُقْتَضِي طَلَبَ التَّخْلِيَةِ عَنْ ذَلِكَ بِتَحْرِيضِهِمْ عَلَى الْإِقْلَاعِ عَنْ ذَلِكَ بِالتَّوْبَةِ وَطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ لِمَا مَضَى مِنْهُمْ وَيَرْجُونَ أَنْ يَرْحَمَهُمُ اللَّهُ فَلَا يُعَذِّبَهُمْ، وَإِنْ كَانَ مَا صَدَرَ مِنْهُمْ مُوجِبًا لِاسْتِمْرَارِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ بِرَحْمَتِهِ جَعَلَ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لم يُذنب.
[47]

[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 47]
قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)
هَذَا مِنْ مُحَاوَرَتِهِمْ مَعَ صَالِحٍ فَلِذَلِكَ لَمْ يُعْطَفْ فِعْلَا الْقَوْلِ وَجَاءَ عَلَى سَنَنِ حِكَايَةِ أَقْوَالِ الْمُحَاوَرَاتِ كَمَا بَيَّنَّاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ.
وَأَصْلُ اطَّيَّرْنا تَطَيَّرْنَا فَقُلِبَتِ التَّاءُ طَاءً لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهِمَا وَسُكِّنَتْ لِتَخْفِيفِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 280
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست