responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 243
التَّوْكِيدِ لِأَنَّ جَوَابَ الْأَمْرِ فِي الْحُكْمِ جَوَابُ الشَّرْطِ وَهُوَ عِنْدُهُ أَخَفُّ مِنْ دُخُولِهَا فِي الْفِعْلِ الْمَنْفِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّفْيَ يُضَادُّ التَّوْكِيدَ.
وَتَسْمِيَةُ سُلَيْمَانَ فِي حِكَايَةِ كَلَامِ النَّمْلَةِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حِكَايَةً بِالْمَعْنَى وَإِنَّمَا دَلَّتْ دَلَالَةُ النَّمْلَةِ عَلَى الْحَذَرِ مِنْ حَطْمِ ذَلِكَ الْمُحَاذِي لِوَادِيهَا، فَلَمَّا حُكِيَتْ دَلَالَتُهَا حُكِيَتْ بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ خَلَقَ اللَّهُ عِلْمًا فِي النَّمْلَةِ عَلِمَتْ بِهِ أَنَّ الْمَارَّ بِهَا يُدْعَى سُلَيْمَانُ عَلَى سَبِيلِ الْمُعْجِزَةِ وَخَرْقِ الْعَادَةِ.
وَتَبَسُّمُ سُلَيْمَانَ مِنْ قَوْلِهَا تَبَسُّمُ تَعَجُّبٍ. وَالتَّبَسُّمُ أَضْعَفُ حَالَاتِ الضَّحِكِ فَقَوْلُهُ:
ضاحِكاً حَال موكدة ل فَتَبَسَّمَ وَضَحِكُ الْأَنْبِيَاءِ التَّبَسُّمُ، كَمَا وَرَدَ فِي صِفَةِ ضَحِكِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنَ التَّبَسُّمِ مِثْلَ بُدُوِّ النَّوَاجِذِ كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ صِفَاتِ ضَحِكِهِ.
وَأَمَّا الْقَهْقَهَةُ فَلَا تَكُونُ لِلْأَنْبِيَاءِ،
وَفِي الْحَدِيثِ «كَثْرَةُ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبِ»
. وَإِنَّمَا تَعَجَّبَ مِنْ أَنَّهَا عَرَفَتِ اسْمَهُ وَأَنَّهَا قَالَتْ: وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَوَسَمَتْهُ وَجُنْدَهُ بِالصَّلَاحِ وَالرَّأْفَةِ وَأَنَّهُمْ لَا يَقْتُلُونَ مَا فِيهِ رُوحٌ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَهَذَا تَنْوِيهٌ بِرَأْفَتِهِ وعدله الشَّامِل لكل مَخْلُوقٍ لَا فَسَادَ مِنْهُ أَجْرَاهُ اللَّهُ عَلَى نَمْلَةٍ لِيَعْلَمَ شَرَفَ الْعَدْلِ وَلَا يَحْتَقِرَ مَوَاضِعَهُ، وَأَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ إِذَا عَدَلَ سَرَى عَدْلُهُ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ وَظَهَرَتْ آثَارُهُ فِيهَا حَتَّى كَأَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ مَا لَا إِدْرَاكَ لَهُ،
فتسير جَمِيع أُمُورُ الْأُمَّةِ عَلَى عَدْلٍ. وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ، فَضَرَبَ هَذَا الْمَثَلَ لِنَبِيئِهِ سُلَيْمَانَ بِالْوَحْيِ مِنْ دَلَالَةِ نَمْلَةٍ، وَذَلِكَ سِرٌّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ جَعَلَهُ تَنْبِيهًا لَهُ وَدَاعِيَةً لِشُكْرِ رَبِّهِ فَقَالَ: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ.
وَأَوْزَعَ: مَزِيدٌ (وَزَعَ) الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى كَفَّ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا، وَالْهَمْزَةُ لِلْإِزَالَةِ، أَيْ أَزَالَ الْوَزْعَ، أَيِ الْكَفِّ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ كَافًّا عَنْ عَمَلٍ وَأَرَادُوا بِذَلِكَ الْكِنَايَةَ عَنْ ضِدِّ مَعْنَاهُ، أَيْ كِنَايَةً عَنِ الْحَثِّ عَلَى الْعَمَلِ. وَشَاعَ هَذَا الْإِطْلَاقُ فَصَارَ مَعْنَى أَوْزَعَ أَغْرَى بِالْعَمَلِ. فَالْمَعْنَى: وَفِّقْنِي لِلشُّكْرِ، وَلِذَلِكَ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ.
فَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَوْزِعْنِي أَلْهِمْنِي وَأَغْرِنِي. وأَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ مَنْصُوبٌ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست