responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 231
الْقِيَامِ بِوَاجِبَاتِ الرِّسَالَةِ) لَا يَخَافُونَ شَيْئًا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَكَفَّلَ لَهُمُ السَّلَامَةَ، وَلَا يَخَافُونَ الذُّنُوبَ لِأَنَّ اللَّهَ تَكَفَّلَ لَهُمُ الْعِصْمَةَ. وَلَا يَخَافُونَ عِقَابًا عَلَى الذُّنُوبِ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْرَبُونَهَا، وَأَنَّ مَنْ عَدَاهُمْ إِنْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ أَمِنَ مِمَّا يَخَافُ مِنْ عِقَابِ الذُّنُوبِ لِأَنَّهُ تَدَارَكَ ظُلْمَهُ بِالتَّوْبَةِ، وَإِنْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَتُبْ يَخَفْ عِقَابَ الذَّنْبِ فَإِنْ لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ فَلَا خَوْفَ عَلَيْهِ. فَهَذِهِ مَعَانٍ دَلَّ عَلَيْهَا الِاسْتِثْنَاءُ بِاحْتِمَالَيْهِ، وَذَلِكَ إِيجَازٌ.
وَفِي «تَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ» أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ قَرَأَ: إِلَّا مَنْ ظَلَمَ بِفَتْحِ هَمْزَةِ (أَلَا) وَتَخْفِيفِ اللَّامِ فَتَكُونُ حَرْفَ تَنْبِيهٍ، وَلَا تُعْرَفُ نِسْبَةُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لِأَبِي جَعْفَرٍ فِيمَا رَأَيْنَا مِنْ كُتُبِ عِلْمِ الْقِرَاءَاتِ فَلَعَلَّهَا رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ.
وَفِعْلُ بَدَّلَ يَقْتَضِي شَيْئَيْنِ: مَأْخُوذًا، وَمُعْطًى، فَيَتَعَدَّى الْفِعْلُ إِلَى الشَّيْئَيْنِ تَارَةً بِنَفْسِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْفُرْقَانِ [70] فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ، وَيَتَعَدَّى تَارَةً إِلَى الْمَأْخُوذِ بِنَفْسِهِ وَإِلَى الْمُعْطَى بِالْبَاءِ عَلَى تَضْمِينِهِ مَعْنَى عَاوَضَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ [النِّسَاء: 2] ، أَيْ لَا تَأْخُذُوا خَبِيثَ الْمَالِ وَتُضَيِّعُوا طَيِّبَهُ، فَإِذَا ذُكِرَ الْمَفْعُولَانِ مَنْصُوبَيْنِ تَعَيَّنَ الْمَأْخُوذُ وَالْمَبْذُولُ بِالْقَرِينَةِ وَإِلَّا فَالْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ هُوَ الْمَبْذُولُ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ إِلَّا مَفْعُولٌ وَاحِدٌ فَهُوَ الْمَأْخُوذُ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وَبُدِّلْتُ قَرْحًا دَامِيًا بَعْدَ صِحَّةٍ ... فَيَا لَكِ مِنْ نُعْمَى تَبَدَّلْنَ أَبْؤُسًا
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى هُنَا: ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ أَيْ أَخَذَ حُسْنًا بِسُوءٍ، فَإِنَّ كَلِمَةَ بَعْدَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ هُوَ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا ثُمَّ زَالَ وَخَلَفَهُ غَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ مَا يُفِيدُ مَعْنَى (بَعْدَ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ [الْأَعْرَاف: 95] فَالْحَالَةُ الْحَسَنَةُ هِيَ الْمَأْخُوذَةُ مَجْعُولَةً فِي مَوْضِعِ الْحَالة السَّيئَة.
[12]

[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 12]
وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (12)
عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ: وَأَلْقِ عَصاكَ [النَّمْل: 10] وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، بَعْدَ أَنْ أَرَاهُ آيَةَ انْقِلَابِ الْعَصَا ثُعْبَانًا أَرَاهُ آيَةً أُخْرَى لِيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ بِالتَّأْيِيدِ، وَقَدْ مَضَى فِي «طَهَ» التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست