responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 228
أَتْبَعَ هَذَا بِقَوْلِهِ: وَأَلْقِ عَصاكَ.
وَالْمَعْنَى: وَقُلْنَا أَلْقِ عَصَاكَ.
وَالِاهْتِزَازُ: الِاضْطِرَابُ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الْهَزِّ وَهُوَ الرَّفْعُ كَأَنَّهَا تُطَاوِعُ فِعْلَ هَازٍّ يَهُزُّهَا. وَالْجَانُّ: ذَكَرُ الْحَيَّاتِ، وَهُوَ شَدِيدُ الِاهْتِزَازِ وَجَمْعُهُ جِنَّانٌ (وَأَمَّا الْجَانُّ بِمَعْنَى وَاحِدِ الْجِنِّ فَاسْمُ جَمْعِهِ جِنٌّ) . وَالتَّشْبِيهُ فِي سُرْعَةِ الِاضْطِرَابِ لِأَنَّ الْحَيَّاتِ خَفِيفَةُ التَّحَرُّكِ، وَأَمَّا تَشْبِيهُ الْعَصَا بِالثُّعْبَانِ فِي آيَةِ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ [الْأَعْرَاف: 107] فَذَلِكَ لِضَخَامَةِ الْجِرْمِ.
وَالتَّوَلِّي: الرُّجُوعُ عَنِ السَّيْرِ فِي طَرِيقِهِ. وَفِعْلُ (تَوَلَّى) مُرَادِفُ فِعْلِ وَلَّى كَمَا هُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ «الْقَامُوسِ» وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى مَا فِي فِعْلِ (تَوَلَّى) مِنْ زِيَادَةِ الْمَبْنَى أَنْ يُفِيدَ (تَوَلَّى) زِيَادَةً فِي مَعْنَى الْفِعْلِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ [24] .
وَلَعَلَّ قَصْدَ إِفَادَةِ قُوَّةِ تَوَلِّيهِ لَمَّا رَأَى عَصَاهُ تَهْتَزُّ هُوَ الدَّاعِي لِتَأْكِيدِ فِعْلِ وَلَّى بِقَوْلِهِ:
مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ فَتَأَمَّلْ.
وَالْإِدْبَارُ: التَّوَجُّهُ إِلَى جِهَةِ الْخَلْفِ وَهُوَ مُلَازِمٌ لِلتَّوَلِّي فَقَوْلُهُ: مُدْبِراً حَالٌ لَازِمَةٌ لِفِعْلِ وَلَّى.
وَالتَّعَقُّبُ: الرُّجُوعُ بَعْدَ الِانْصِرَافِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَقِبِ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ إِلَى جِهَةِ الْعَقِبِ، أَيِ الْخَلْفِ، فَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَقِّبْ تَأْكِيدٌ لِشِدَّةِ تَوَلِّيهِ، أَيْ وَلَّى تَوَلِّيًا قَوِيًّا لَا تَرَدُّدَ فِيهِ. وَكَانَ ذَلِكَ التَّوَلِّي مِنْهُ لِتَغَلُّبِ الْقُوَّةِ الْوَاهِمَةِ الَّتِي فِي جِبِلَّةِ الْإِنْسَانِ عَلَى قُوَّةِ الْعَقْلِ الْبَاعِثَةِ عَلَى التَّأَمُّلِ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ مِنَ الْكِنَايَةِ عَنْ إِعْطَائِهِ النُّبُوءَةَ وَالتَّأْيِيدَ، إِذْ كَانَتِ الْقُوَّةُ الْوَاهِمَةُ مُتَأَصِّلَةً فِي الْجِبِلَّةِ سَابِقَةً عَلَى مَا تَلَقَّاهُ مِنَ التَّعْرِيضِ بِالرِّسَالَةِ، وَتَأَصُّلُ الْقُوَّةِ الْوَاهِمَةِ يَزُولُ بِالتَّخَلُّقِ وَبِمُحَارَبَةِ الْعَقْلِ لِلْوَهْمِ فَلَا يَزَالَانِ يَتَدَافَعَانِ وَيَضْعُفُ سُلْطَانُ الْوَهْمِ بِتَعَاقُبِ الْأَيَّامِ.
وَقَوْلُهُ: يَا مُوسى لَا تَخَفْ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ قُلْنَا لَهُ. وَالنَّهْيُ عَنِ الْخَوْفِ مُسْتَعْمَلٌ فِي النَّهْيِ عَنِ اسْتِمْرَارِ الْخَوْفِ. لِأَنَّ خَوْفَهُ قَدْ حَصَلَ. وَالْخَوْفُ الْحَاصِلُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ خَوْفُ رَغَبٍ مِنِ انْقِلَابِ الْعَصَا حَيَّةً وَلَيْسَ خَوْفَ ذَنْبٍ، فَالْمَعْنَى: لَا يَجْبُنُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ لِأَنِّي أَحْفَظُهُمْ.
وإِنِّي لَا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنِ الْخَوْفِ وَتَحْقِيقٌ لِمَا يَتَضَمَّنُهُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست