responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 218
وَإِنَّمَا قَدَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْقُرْآنِ وَعَطَفَ عَلَيْهِ كِتابٍ مُبِينٍ عَلَى عَكْسِ مَا فِي طَالِعَةِ سُورَةِ الْحِجْرِ لِأَنَّ الْمَقَامَ هُنَا مَقَامُ التَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ وَمُتَّبِعِيهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلِذَلِكَ وُصِفَ بِأَنَّهُ هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ [النَّمْل: 2] أَيْ بِأَنَّهُمْ عَلَى هُدًى فِي الْحَالِ وَمُبَشَّرُونَ بِحُسْنِ الِاسْتِقْبَالِ فَكَانَ الْأَهَمُّ هُنَا لِلَوْحِي الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْآيَاتِ هُوَ اسْتِحْضَارُهُ بِاسْمِهِ الْعَلَمِ الْمَنْقُولِ مِنْ مَصْدَرِ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ تُنَاسِبُ حَالَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَالْمُتَقَبِّلِينَ لِآيَاتِهِ فَهُمْ يَدْرُسُونَهَا، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ أُدْخِلَتِ اللَّامُ لِلَمْحِ الْأَصْلِ، تَذْكِيرًا بِأَنَّهُ مَقْرُوءٌ مَدْرُوسٌ. ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ كِتابٍ مُبِينٍ لِيَكُونَ التَّنْوِيهُ بِهِ جَامِعًا لِعُنْوَانَيْهِ وَمُسْتَكْمِلًا لِلدَّلَالَةِ بِالتَّعْرِيفِ عَلَى مَعْنَى
الْكَمَالِ فِي نَوْعِهِ مِنَ الْمَقْرُوءَاتِ، وَالدَّلَالَةِ بِالتَّنْكِيرِ عَلَى مَعْنَى تَفْخِيمِهِ بَيْنَ الْكُتُبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ [الْمَائِدَة: 48] .
وَأَمَّا مَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحِجْرِ فَهُوَ مَقَامُ التَّحْسِيرِ لِلْكَافِرِينَ مِنْ جَرَّاءَ إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ فَنَاسَبَ أَنْ يَبْتَدِئُوا بِاسْمِ الْكِتَابِ الْمُشْتَقِّ مِنَ الْكِتَابَةِ دُونَ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُمْ بِمَعْزِلٍ عَنْ قِرَاءَتِهِ وَلَكِنَّهُ مَكْتُوبٌ، وَحُجَّةٌ عَلَيْهِمْ بَاقِيَةٌ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحِجْرِ، وَلِهَذَا عَقَّبَ هُنَا ذِكْرَ كِتابٍ مُبِينٍ بِالْحَالِ هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ [النَّمْل: 2] .
ومُبِينٍ اسْمُ فَاعِلٍ إِمَّا مِنْ (أَبَانَ) الْقَاصِرِ بِمَعْنَى (بَانَ) لِأَنَّ وَصْفَهُ بِأَنَّهُ بَيِّنٌ وَاضِحٌ لَهُ حَظٌّ مِنَ التَّنْوِيهِ بِهِ مَا لَيْسَ مِنَ الْوَصْفِ بِأَنَّهُ مُوَضِّحٌ مُبَيِّنٌ. فَالْمُبِينُ أَفَادَ مَعْنَيَيْنِ أَحَدَهُمَا: أَنَّ شَوَاهِدَ صِدْقِهِ وَإِعْجَازِهِ وَهَدْيِهِ لِكُلِّ مُتَأَمِّلٍ، وَثَانِيهِمَا: أَنَّهُ مرشد ومفصّل.
[2، 3]

[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 2 إِلَى 3]
هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3)
هُدىً وَبُشْرى حَالَانِ مِنْ كِتابٍ بَعْدَ وَصْفِهِ ب مُبِينٍ [النَّمْل: 1] .
وَجُعِلَ الْحَالُ مَصْدَرًا لِلْمُبَالَغَةِ بِقُوَّةِ تَسَبُّبِهِ فِي الْهُدَى وَتَبْلِيغِهِ الْبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ.
فَالْمَعْنَى: أَنَّ الْهُدَى لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْبُشْرَى حَاصِلَانِ مِنْهُ وَمُسْتَمِرَّانِ مِنْ آيَاتِهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست