responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 153
عَنْ قَوْلِهِ:
فَكُبْكِبُوا فِيها [الشُّعَرَاء: 94] لِأَنَّ السَّامِعَ بِحَيْثُ يَسْأَلُ عَنْ فَائِدَةِ إِيقَاعِ الْأَصْنَامِ فِي النَّارِ مَعَ أَنَّهَا لَا تفقه وَلَا تحسّ فَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ، فَحِكَايَةُ مُخَاصَمَةِ عَبَدَتِهَا بَيْنَهُمْ لِأَنَّ رُؤْيَتَهُمْ أَصْنَامَهُمْ هُوَ مَثَارُ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمْ إِذْ رَأَى الْأَتْبَاعُ كَذِبَ مُضَلِّلِيهِمْ مُعَايَنَةً وَلَا يَجِدُ الْمُضَلَّلُونَ تَنَصُّلًا وَلَا تَفَصِّيًا، فَإِنَّ مَذَلَّةَ الْأَصْنَامِ وَحُضُورِهَا مَعَهُمْ وَهُمْ فِي ذَلِكَ الْعَذَابِ أَقْوَى شَاهِدٍ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا لَهُمْ وَلَا لِأَنْفُسِهَا.
وَأَمَّا جُمْلَةُ: وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ فَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَجُمْلَةُ تَاللَّهِ مَقُولُ الْقَوْلِ، وَجُمْلَةُ: إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ جَوَابُ الْقَسَمِ. وإِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنْ (إِنَّ) الثَّقِيلَةِ وَقَدْ أُهْمِلَتْ عَنِ الْعَمَلِ بِسَبَبِ التَّخْفِيفِ فَإِنَّهُ مُجَوِّزٌ لِلْإِهْمَالِ. وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهَا سَادَّةٌ مَسَدَّ اسْمِهَا وَخَبَرِهَا. وَاقْتِرَانُ خَبَرِ (كَانَ) بِاللَّامِ فِي الْجُمْلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا لِلْفَرْقِ بَيْنَ إِنْ المخففة الْمُؤَكّدَة وَبَين (إِنِ) النَّافِيَةِ، وَالْغَالِبُ أَنْ لَا تَخْلُوَ الْجُمْلَةُ الَّتِي بَعْدَ إِنْ الْمُخَفَّفَةِ عَنْ فِعْلٍ مِنْ بَابِ (كَانَ) .
وَجِيءَ فِي الْقَسَمِ بِالتَّاءِ دون الْوَاو وَالْبَاء لِأَنَّ التَّاءَ تَخْتَصُّ بِالْقَسَمِ فِي شَيْءٍ مُتَعَجَّبٍ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ فِي سُورَةِ يُوسُفَ [73] ، وَقَوْلِهِ: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ [57] ، فَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْ ضَلَالِهِمْ إِذْ نَاطُوا آمَالَهُمُ الْمَعُونَةَ وَالنَّصْرَ بِحِجَارَةٍ لَا تُغْنِي عَنْهُمْ شَيْئًا. وَلِذَلِكَ أَفَادُوا تَمَكُّنَ الضَّلَالِ مِنْهُمْ بِاجْتِلَابِ حَرْفِ الظَّرْفِيَّةِ الْمُسْتَعَارِ لِمَعْنَى الْمُلَابَسَةِ لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ شَدِيدُ الْمُلَابَسَةِ لِظَرْفِهِ، وَأَكَّدُوا ذَلِكَ بِوَصْفِهِمُ الضَّلَالَ بِالْمُبِينِ، أَيِ الْوَاضِحُ الْبَيِّنُ. وَفِي هَذَا تَسْفِيهٌ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ إِذْ تَمَشَّى عَلَيْهَا هَذَا الضَّلَالُ الَّذِي مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُوجَ عَلَى ذِي مُسْكَةٍ مِنْ عَقْلٍ.
وإِذْ نُسَوِّيكُمْ ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِ كُنَّا أَيْ كُنَّا فِي ضَلَالٍ فِي وَقْتِ إِنَّا نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ. وَلَيْسَتْ إِذْ بِمَوْضُوعَةٍ لِلتَّعْلِيلِ كَمَا تَوَهَّمَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَلْوَانَ التُّونُسِيُّ الشَّهِيرُ بِالْمِصْرِيِّ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْمُقْرِيُّ فِي «نَفْحِ الطِّيبِ» فِي تَرْجَمَةِ أَبِي جَعْفَرٍ اللَّبْلِيِّ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا غُشِيَ عَلَيْهِ حَاصِلُ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ فَتَوَهَّمَهُ مَعْنًى مِنْ مَعَانِي إِذْ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَعَدِّ عَمَّا تَرَى إِذْ ... لَا ارْتِجَاعَ لَهُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست