responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 83
الْبَغْيِ فَلَمَّا اجْتَمَعَ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسَكَنَ السَّابِقُ مِنْهُمَا قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ الْأَصْلِيَّةِ وَعُوِّضَ عَنْ ضَمَّةِ الْغَيْنِ كَسْرَةً لِمُنَاسَبَةِ الْيَاءِ فَصَارَ بَغِيٌّ.
وَجَوَابُ الْمَلَكِ مَعْنَاهُ: أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قُلْتُ، نَظِيرَ قَوْلِهِ فِي قِصَّةِ زَكَرِيَّاءَ: كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ، وَهُوَ عُدُولٌ عَنْ إِبْطَالِ مُرَادِهَا مِنَ الْمُرَاجَعَةِ إِلَى بَيَانِ هَوْنِ هَذَا الْخَلْقِ فِي جَانِبِ الْقُدْرَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ.
وَفِي قَوْلِهِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ تَوْجِيهٌ بِأَنَّ مَا اشْتَكَتْهُ مِنْ تَوَقُّعِ ضِدِّ قَوْلِهَا وَطَعْنِهِمْ فِي عِرْضِهَا لَيْسَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ فِي جَانِبِ مَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ هُدَى النَّاسِ لِرِسَالَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَصْرِفُهُ عَنْ إِنْفَاذِ مُرَادِهِ مَا عَسَى أَنْ يَعْرِضَ مِنْ ضُرٍّ فِي ذَلِكَ لِبَعْضِ عَبِيدِهِ، لِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ تُقَدَّمُ عَلَى مُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ.
فَضَمِيرُ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ عَائِدٌ إِلَى مَا تَضَمَّنَهُ حِوَارُهَا مِنْ لِحَاقِ الضُّرِّ بِهَا كَمَا فَسَّرْنَا بِهِ قَوْلَهَا وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. فَبَيْنَ جَوَابِ الْمَلَكِ إِيَّاهَا وَبَيْنَ جَوَابِ اللَّهِ زَكَرِيَّاءَ اخْتِلَافٌ فِي الْمَعْنَى.
وَالْكَلَام فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى لِسَانِ الْمَلَكِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ أُسْنِدَ فِي قِصَّةِ زَكَرِيَّاءَ إِلَى اللَّهِ لِأَنَّ كَلَامَ الْمَلَكِ كَانَ تَبْلِيغَ وَحْيٍ عَنِ اللَّهِ جَوَابًا مِنَ اللَّهِ عَنْ مُنَاجَاةِ زَكَرِيَّاءَ، وَأُسْنِدَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِلَى الْمَلَكِ لِأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ خِطَابِهَا إِيَّاهُ.
وَقَوْلُهُ وَلِنَجْعَلَهُ عَطْفٌ عَلَى فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا
بِاعْتِبَارِ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الرُّوحِ لَهَا لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا
، أَيْ لِأَنَّ هِبَةَ الْغُلَامِ الزَّكِيِّ كَرَامَةٌ مِنَ اللَّهِ لَهَا، وَجَعْلَهُ
آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً كَرَامَةٌ لِلْغُلَامِ، فَوَقَعَ الْتِفَاتٌ مِنْ طَرِيقَةِ الْغَيْبَةِ إِلَى طَرِيقَةِ التَّكَلُّمِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست