responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 79
وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ: التِّلَاوَةُ، أَيِ اتْلُ خَبَرَ مَرْيَمَ الَّذِي نَقُصُّهُ عَلَيْكَ.
وَفِي افْتِتَاحِ الْقِصَّةِ بِهَذَا زِيَادَةُ اهْتِمَامٍ بِهَا وَتَشْوِيقٍ لِلسَّامِعِ أَنْ يَتَعَرَّفَهَا وَيَتَدَبَّرَهَا.
وَالْكِتَابُ: الْقُرْآنُ، لِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ. وَقَدِ اخْتَصَّتْ هَذِهِ السُّورَةُ بِزِيَادَةِ كَلِمَةِ فِي الْكِتابِ
بَعْدَ كَلِمَةِ وَاذْكُرْ
. وَفَائِدَةُ ذَلِكَ التَّنْبِيهُ إِلَى أَنَّ ذِكْرَ مَنْ أَمَرَ بِذِكْرِهِمْ كَائِنٌ بِآيَاتِ الْقُرْآنِ وَلَيْسَ مُجَرَّدَ ذِكْرِ فَضْلِهِ فِي كَلَامٍ آخَرَ مِنْ
قَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ: «لَوْ لَبِثْتُ مَا لَبِثَ يُوسُفُ فِي السِّجْنِ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ»
. وَلَمْ يَأْتِ مِثْلُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي سُورَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ عِلْمُ الْمُرَادِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ الْمُرَادُ فِي بَقِيَّةِ الْآيَاتِ الَّتِي جَاءَ فِيهَا لَفْظُ اذْكُرْ
. وَلَعَلَّ سُورَةَ مَرْيَمَ هِيَ أَوَّلُ سُورَةٍ أَتَى فِيهَا لَفْظُ وَاذْكُرْ
فِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهَا السُّورَةُ الرَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ فِي عَدَدِ نُزُولِ السُّوَرِ.
وإِذِ
ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِ اذْكُرْ
بِاعْتِبَارِ تَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْقِصَّةِ وَالْخَبَرِ، وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِهِ فِي ظَاهِرِ مَعْنَاهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْمَعْنَى.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (إِذْ) مُجَرَّدَ اسْمِ زَمَانٍ غَيْرَ ظَرْفٍ وَيُجْعَلَ بَدَلًا مِنْ (مَرْيَمَ) ، أَيِ اذْكُرْ زَمَنَ انْتِبَاذِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي قَوْله ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى
رَبَّهُ
[مَرْيَم: 2، 3] .
وَالِانْتِبَاذُ: الِانْفِرَادُ وَالِاعْتِزَالُ، لِأَنَّ النَّبْذَ: الْإِبْعَادُ وَالطَّرْحُ، فَالِانْتِبَاذُ فِي الْأَصْلِ افْتِعَالٌ مُطَاوِعُ نَبَذَهُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْفِعْلِ الْحَاصِلِ بِدُونِ سَبْقِ فَاعِلٍ لَهُ.
وَانْتَصَبَ مَكاناً عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ انْتَبَذَتْ
لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حَلَّتْ. وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِبْهَامِ. وَالْمَعْنَى: ابْتَعَدَتْ عَنْ أَهْلِهَا فِي مَكَانٍ شَرْقِيٍّ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست